سورية الساحرة الظافرة المنتصرة
فلبي ليس على سورية فهي القادرة على تنهيض وعيها وهي الوطنية تاريخياً ، هي مركز العرب والإسلام والتاريخ وحين كان النبي محمد " ص " يزورها قبل الإسلام لم يكن يزورها لتجارة يعقد صفقاتها لزوجته السيدة خديجة وحسب ولكنه كان يفعل للتزود بثقافة يتكئ عليها ليزيد من معارفه كأن الله وهو يعده للنبوة أراد له أن يغرف من معارفها وعلومها وتنوعها الإنساني العبقري . وهناك في دمشق في أديرتها وكنائسها وفي كنف ما تردد في الأثر عن علاقته بالراهب بحيرى نقل عنه وتزود بمعارف ثرة من لدنه ، كانت المسيحية الديانة السماوية التي سبقت الدعوة الإسلامية وكان الله يريد لنبيه ومصطفاه آخر الأنبياء والمرسلين أن يغرف من معارفه الرسالات السماوية السابقة ! لماذا كل هذه المقدمة التي يكاد يعلم عنها كل المسلمين ، لأن النبي صلوات الله عليه ذكًّر بالشام ووضعها على قائمة أولوياته وفي مقدمة خططه التي أوصى بها التابعين أن يضعوها في مرمى البصر والنظر والفتوحات . لقد كان يعرف مآثرها وقيمتها ، وعندما اقول الشام هنا فأنا أريد وأقصد بلاد الشام وأولها سورية وفلسطين ولبنان والعراق وحتى ما جاء بعد ذلك من الأردن تلك هي بلاد الشام مهد الحضارة والعلوم والفنون والآداب والفلسفة والطب والفلك والجغرافيا ، فذلك كله ارتبط بالشام حتى إن أي أحد منا لا يستطيع أن يخلع نفسه من دمشق وأريحا أقدم المدن ولا من بابل ونينوى ، لقد أشار الرسول الكريم إلى الشام ثلاث مرات في عام الوداع وما أن انتهى أبو بكر من حروب الرد حتى كانت أولى توجهاته ووصاياه إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بفتح الشام التي كانت تتهيأ لتصبح بعد عثمان وعلي مركز الخلافة والنفوذ ، وتمدُّد الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، لذا فإنني على الرغم من تفكك الجيش السوري والعثرات الآثمة التي ألمت به أقول إنه لا خوف على سوريا ، ستنهض وتتعافى وتعود كما كانت سكيناً في حلق أمريكا والاحتلال الإسرائيلي .
وبغض النظر عما جرى ويجري من جنون الأعداء وتسابقهم للإجهاز على هذه اللؤلؤة العبقرية سوريا وأولهم العدو الصهيوني فإنها ستنهض أيما نهوض لقد حكمها بالحديد والنار حاكمان مستبدان أب وابنه قرابة نصف قرن قتلوا وشردوا وهجروا ودمروا لكن سوريا باقية وناهضة وستتعافى وتستعيد أمجاد يوسف العظمة الشهيد القائد الذي رسم ملامح بلاد الشام الفذة مهد النضال ، دون أن يدور بخلده أنه ستمر على الشام قسوة وإجرام واستبداد على النحو الذي شاهدناه وجرّبه السوريون مهانة وإذلالاً ونزوحا .
الكل الآن أمام فحص وامتحان وطني وقومي فإما عودة سورية إلى تنوعها وإبداعها وحضارتها والتنمية وإعادة البناء القادر في كل وقت على العودة ، وأن يبتعد حكامها عن الانشغال والتزاحم على المناصب فتكون سوريا بحكم مدني ووحدة وطنية تنظم الكل وتعيد لبلاد الشام ألقها ، فلا طوائف وإنما بنيان مرصوص ، وصدقوني أن الكل من المراهنين على الغرب سيخسرون وأولهم المراهنون على الولايات المتحدة وإسرائيل ..
زياد عبدالفتاح