📁 آخر الأخبار

علاقات إسرائيل مع الأكراد..الأكراد حليف استراتيجي

إذا لم تستيقظ إسرائيل، وتقيم علاقات مع الأكراد، ليس بالكلام والوعود، بل علاقة حقيقية، فإنها ستخسر حليفاً في مكان استراتيجي لإسرائيل لمصلحة الجهاديين الذين في خدمة الرئيس التركي، الذي يحلم برفع مكانة الإسلاميين في الشرق الأوسط، وبينهم حلفاؤه من حماس. أصدقاؤنا الحقيقيون هم الأكراد الذين تعاونت إسرائيل معهم في الماضي، وموجودون الآن في شمال سورية وشرق العراق على الحدود مع إيران.

مجموعة واحدة في سوريا تبدو إمكانية كامنة لتحالف حقيقي مع إسرائيل، وهي الأكراد. هذه المجموعة تتعرض الآن لخطر وجودي عقب هجوم محتمل من المجاهدين الذين يعملون برعاية تركيا. يجدر بإسرائيل مساعدة هؤلاء بالأفعال.

قبل سقوط نظام الأسد، وعندما كان واضحاً أن نهايته قريبة، وأن مكانه ستحتله بالأساس فصائل جهادية، توجه الأكراد إلى إسرائيل من أجل التعاون، كما توجهوا خلال عشرات السنين. كان في إسرائيل من عللوا الاقتراب منهم، وتحدثوا باسم المصلحة الوطنية التي يحظر بسببها إغضاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. لم يكتبوا عن المصلحة الشخصية التي توجههم؛ فمن بين المستشارين الذين يصنعون سياسة إسرائيل، لديهم مصالح تجارية مع تركيا، لذا يرون من الأنسب عدم المس، لا سمح الله، بهذه الأعمال، حتى على حساب بقاء الشعب الذي يقاسمنا مصيراً تاريخياً مشابهاً، وأعداء متشابهين، وإمكانية كامنة لمجتمع حقيقي في منطقة هي من أكثر المناطق المعادية لإسرائيل في الشرق الأوسط.

الأكراد هم الشعب الأكبر في العالم، الذي ليست له دولة، 35 مليون نسمة. اتفاقات سايكس بيكو مزقتهم ووزعتهم بين أربع دول هي سوريا والعراق وإيران وتركيا. قامت أنظمة هذه الدول بقمعهم وتدميرهم؛ كانوا يدركون تصلب وتصميم الأكراد (المقاتل الإسلامي الكبير في التاريخ، صلاح الدين، كان من الأكراد)؛ لم يبقوا للأكراد أي فرصة للتطور.

في ظل الانقلابات في العالم الغربي، نجح الأكراد في الحصول على مناطق خاصة بهم، في شمال سوريا وشمال العراق؛ وحتى الآن يحذرون من تسمية هذه المنطقة المشحونة دولة، ويحذرون من مناقشة تعريفها. في سوريا حصلوا على الحكم الذاتي أو منطقة جغرافية أو دولة، بدون تسمية ذلك دولة بصراحة، في شمال شرق سوريا، بين نهر الفرات ودجلة. هذه منطقة واسعة، 30 في المئة من مساحة سوريا، وهي ثلاثة أضعاف مساحة دولة إسرائيل. عندما حصلوا على هذا الإنجاز الكبير، تعاطف العالم مع نضالهم. وعندما هرب الجميع من “داعش” كانوا الوحيدين الذين حاربوه وهزموه. في هذه المنطقة الجغرافية مساواة بين الرجال والنساء في القوة المحاربة والحياة الاجتماعية.

أعداء الأكراد هم أعداء إسرائيل (إيران، حزب الله، بشار الأسد، الجهاديون الإسلاميون واردوغان). إسرائيل كما يراها الأكراد، نموذج. في الجبال والغابات شمالي العراق على الحدود مع إيران وفي السهول بسوريا، وفي الجبهة أمام “داعش” والقاعدة، تراهم يتلقون تعليماً عن تاريخ دولة إسرائيل وعن فلسفة اليهود. ليس محبة لإسرائيل فحسب، بل لأنهم يرون شعبين يتقاسمان المصير نفس. وحسب قولهم، فإن اليهود مثل الأكراد، شهدوا إبادة جماعية ونجحوا في النهوض من الكارثة وإقامة دولة، وهذا ما يشهده الأكراد وما يطمحون إليه.

للأكراد جملة تجسد النضال على بقائهم: “أصدقاؤنا الوحيدون هي الجبال”، “الجبال” لأنه في جغرافيا الأكراد، بالأساس في العراق وتركيا وإيران، يبدو مشهد الجبل القاسي تضاريس مثالية لحرب العصابات. الأكراد يعرفون كل نهر وواد ونفق هناك، وتغلبوا في هذه الأراضي على الجيش السوري والعراقي والإيراني والتركي. لماذا “الجبال هي الأصدقاء الوحيدون”؟ لأن كل من تفاخر في السابق بأنه صديقهم خانهم لاحقاً، بما في ذلك إسرائيل التي تعاونت معهم في السبعينيات في مواجهة أعداء مشتركين، وفيما بعد لم تتخل عنهم فحسب، بل قدمت المسيرات لتركيا التي قتلتهم بواسطتها، وساعدت على تسليم قادتهم في حرب العصابات لتركيا.

لكن يد الأكراد ما زالت ممدودة.

لا أحد يقول بأن علينا الدخول إلى وحل الحرب في سوريا أو تحدي تركيا. يمكننا توفير منظومات دفاعية للأكراد ضد مسيرات الأتراك والجهاديين، ويمكن تفعيل اللوبي اليهودي في الكونغرس لوقف إطلاق النار أو إقناع الأمريكيين بالبقاء في شمال سوريا وعدم التخلي عنهم عندما يدخل ترامب البيت الأبيض، ويمكن فعل المزيد في مجال الاستخبارات والسايبر والسلاح.

إذا لم تستيقظ إسرائيل وتقيم علاقات مع الأكراد، لا مجرد أقوال ووعود وعناوين فقط، بل علاقات حقيقية، فإنها ستفقد حلفاء في المكان الأكثر استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، لصالح الجهاديين القتلة الذين يخدمون اردوغان، الذي يحلم برفع الإسلاميين في الشرق الأوسط، بما في ذلك حلفاؤه في حماس.

الآن يتشكل التاريخ في سوريا. إيران والعلويون والشيعة سقطوا. السنة الجهاديون سيطروا على دمشق. من الرائع أن نظام الأسد سقط. ولكن الواقع لا يشير إلى ذهاب الأشرار ومجيء الأخيار. كثير من الجهاديين الذين سيطروا على سوريا (معظمها) هم من خريجي “داعش” و”القاعدة”، مثل الزعيم أبو محمد الجولاني.

هم يعلنون بأنهم تغيروا، هذا جيد، بالتأكيد إسرائيل لن تعول على ذلك. الأصدقاء الحقيقيون، الأكراد، الذين تعاونت إسرائيل معهم في السابق، يجلسون في شمال سوريا وفي شمال العراق على حدود إيران، وهم يحاربون الآن حرب بقاء ستحسم طابع سوريا الجديد. نأمل ألا تفوت إسرائيل هذه الفرصة.

  الكاتبة الإسرائيلية إيتي أنجل 

هآرتس 16/12/2024