يوميات الحب والحرب 135:
العدل لا المساواة:
ذلك هو حكم الله.
والناس يطالبون بالمساواة كل من يرونه خيراً منهم. ثم يكفّون عن ذلك حين يرون أنفسهم خيراً من الآخرين.
وهذا منهم ضلالٌ وتيهٌ، وطلبٌ لغير ما حكم الله.
لقد حكم الله بالمساواة أمام القانون، فلا يرتفع الوليُّ على قليلِ الدين، أمام القاضي، في قضية تنظرها المحكمة.
أما أن يُقال بأن لا فضل لأبي جهل على أبي بكر، بحجة أنهما من بني آدم الذي كرّمه اللهُ على سائر المخلوقات، فلا يقول به أحد.
وحين أفسر القرآن، فإنما أعرف قدري واقفُ دونه. أما حين يفسره طالبٌ نجح بالواسطة، ولمّا يبلغ أن يقرأ ما يقول الناس، ثم يختلف معي، فهذا طالبُ مساواة في أمرٍ لا مساواةَ فيه، ويشبهُ أن يطلبَ الراسبُ في الامتحان النجاحَ، أسوةً بالطالب المجتهد.
وحين يتعجب الصغار من احتقاري ما يقولون، واحتقاري إياهم شخصياً، فهم إنما يُدلّلون على ما أعلم، من رغبتهم في أن ينالوا ما ليس لهم.
إنهم يرغبون في أن يكونوا مثلي في العلم، معتقدين أنني أحمقُ مثلهم، يرغب في أن ينال درجة شيخ المفسرين الطبري رحم الله روحه ونوّر ضريحهُ.
ووالله لأنْ أُعرَضَ على السيف، فأُقتَل في غير معصية، لأحبُّ إليَّ من أن أتساوى في نفسي مع الطبري.
ولقد آن الأوان للقول لكل صغيرٍ نالَ شهادةً صغيرة:
- قف عند حَدِّكَ والزم الأدب.
فما كان لعمرَ أن يتساوى مع أبي بكر. ولقد أعلن مرارا أنّه سيجلد من يساويه به حدَّ المفتري مضاعفاً.