يوميات الحب والحرب 134:
يا لَهُ من كفرٍ فاجر!
"عصماءُ بنتُ مروان"
امرأة من كفارٍ حول المدينة، نذرتْ لله أنْ تفرح وتغني، إن عاد رسول الله مهزوماً من بدر.
فسمعها أعمى مؤمن يُقال له: "عُمير"
فنذر لله أن يقتلها، مهما كان الثمن.
وكانت لها عشيرةٌ وأولاد.
وكان عميرُ وحيداً ضعيفاً.
عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتصرا.
وتسلل الأعمى إلى خيمة عصماء، فوضع سيفه بين ثدييها، ثم اتكأ عليه، حتى فاضت روحُها إلى الجحيم.
في الصباح بعد الصلاة - وقد شاع الخبر في المدينة، وأولادها يهددون - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- من قتل عصماء ابنة مروان؟
فقام عمير الأعمى وقال:
- أنا يا رسول الله.
ثم قال:
- هل عليَّ فيها شيءٌ يا رسولَ الله؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- لا يَنْتَطِحُ فيها عنزان.
سمع أولاد عصماء بما كان، فقالوا لعُمير:
- أأنتَ قتلتَها يا عُمير؟
قال:
- نعم.. فكيدوني جميعا ثم لا تُنْظِرون.
والحديث ذو شجون. ومن شجونه ما سمعت، مما حدث منذ أيامٍ، لكفورٍ عَهورٍ لا ينهاهُ أهلُه.
ووالله لقد كنا في الشمال قبل اللجوء، نسمع القليل من الكفر، يخرج من أفواه بعض الصبية وقليل من الرجال..
كنا نسمع ذلك، ونسمع معه من ينبري للرد عليه من الناس، فَيَخْنَس صوتُ الكفر..
أما الآن، في مخيمات اللجوء في خانيونس ورفح، فقد صرنا نسمع الكفرَ الملولب يتصاعد إلى رب العرش، من أفواه النساء..
كفرٌ بواحٌ متكرر، وتعاريص فاحشةٌ، بصوت يلعلع، على ألسنةِ نساء، على مسمع من الأهل ذوي الشوارب، والزوج ذي القرنين..
كفرٌ وعهرٌ وتعاريص.. فإذا اعترضتَ زادوا، فما اهتزت قرون ولا شوارب، قاتل الله أصحابها..
وإن صمتَّ، ظنَّكَ أصحابُ القرونِ والشوارب راضياً.
وكلما سألتَ الناس حولك قالوا:
- هؤلاء هم النازحون.
مع أنني رأيتُ المواطنين أشدّ عهراً وكفراً ورضاً بما يسمعون.
قبل أيام قمتُ في الليل أدعو على أحدهم، يملأ المخيم كفراً..
لو قلتُ هو من مكان كذا، لغضبَ أهل مكان كذا مني، مع أنهم لم يغضبوا من كافرهم الفاحش بألفاظ التعاريص.
دعوت الله أن يرسل له من يطخّهُ في رأسه..
المهم أنني رحلتُ من المكان إلى ديار الله..
ثم علمتُ بأن الله قد بعث له من طخَّهُ في رأسه.
سجدتُ في الليل لله شكرا. ودعوته أن يرزق القاتل الجنة.
اللهمّ غفرانَك لشعبٍ يغضب لأقاربه ومكانة قبيلته، ولا يغضب لعزّتك يتطاول إليها أبناءُ الحرام.
سيقول سفيهٌ بأنّ المقتول قريبه..
فإن قال ذلك غضباً لقتله على الكفر، فهو معه. ولعنة الله عليه معه.
بقي شيء واحد:
أن ينبري خطيبٌ مفتونٌ، فيغضب من القاتل، ويدعو للمقتول، بحجة أنّهُ داعيةُ لِيْن.
فلعنة الله عليه إن فعل.
وإني لأبرأ إلى الله من خطباء الفتنة، يدخلون النار وقد نسوا مساويكهم وراءهم، ولم ينسوا الشيطان.