📁 آخر الأخبار

يوميات الحب والحرب127: دعاة على أبواب جهنم، ومرتدون لا يلقون إنكاراً من مجتمع يطلب رحمة الله:


 يوميات الحب والحرب127:


دعاة على أبواب جهنم، ومرتدون لا يلقون إنكاراً من مجتمع يطلب رحمة الله: 


وإن من العلماء من يدخل النار، بلحية وشارب محفوف وآيات يتلوها. وكلنا يذكر الثلاثة الذين هم أول من تُسَعَّرُ بهم النار.


سكنت في مخيم للنازحين، ككل نازح عصفت به الحرب، لكن مثل هذا لم تر عيني ولم تسمع أذني: مكان يضج بالنازحين والكفر والبواح الذي لا يجد له مُنكِراً من شيوخ كبار السن قباح القلوب، كأن الشاعر رأى أحدهم حين قال:


فجاؤوا بشيخٍ كَدَّحَ الشرُّ وجهَهُ 

              جَهولٍ، متى ما يَنْفَد السَّبُّ يلطمِ 


1: ففيهم من الكفار من هم أشد كفراً من أبي جهل، يشتمون الرب الإله الواحد، بأسلوب ملولب متصاعد، من سبِّ الرب، إلى سب صاحب الكرسي، فصاحب العرش، فالخالق، فرب الأنبياء، فالأنبياء، فالملائكة...


2: وذووهم حولهم، لا يردوهم ولا يبدو عليهم الغضب، كبارُ سن أنجاس يبدو أنهم كانوا معلمي هؤلاء الأوائل. جمع بينهم المخيم كأن منادياً دار ينادي في القطاع: هيا يا كفار، فقد افتتح لكم الاحتلال مخيماً.


3: أما الجمهور فيرى ويسمع ولا يَتَّعِظُ ولا يغضب، ثم يذهب إلى الصلاة يدعو الله بالرحمة.


4: وأشنع هؤلاء وأقبحهم خطباء رأوا خطيبا من غير حزبهم ـ وكل الخطباء متحزبون ـ يدعو الكافرين إلى الكفِّ عن الكفر، فزجروه قائلين: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران/159). كأن الكفر يعجبهم أكثر من الإسلام، إن جاء الإسلام من غيرهم؛ وقد استندوا إلى بعض الأحاديث التي تأمر باللين، فإن ذكرتهم بأحاديث لعن فيها رسولُ الله كفاراً بأسمائهم، ازورّوا عنك وقد علموا أنك كشفت ألاعيبهم.


5: فلا الكفور يستحق الدفاع عنه، ولا الداعي المدافع عنه يدافع عنه، بل يحسد الخطيب الذي علا فوقه وخطب وهو موجود في المصلين؛ فصار يفضل كفر الكافر على نصيحة الداعي.


والحق أن لكل مقام في النصوص مقالا. والمفتون من اختار مقالا على غيره، لهوى النفس. فديننا وهوى النفس لا يلتقيان. وإن هوى النفس لأشد هلاكاً لمن تروهم عابدين.


أمس حدث معي كل هذا. سمعت الكفر يملأ المكان، ثم سمعت الخطيب ينهى ويدعو على سبابي الرب دون أن يسميهم، ثم سمعت ملتحياً يقترح على نفسه أنه شيخ ـ ويرى أنه كان الأحق بالخطبة ـ يلوم الخطيب.


ولم أرفي كل هذا المهرجان من يقرأ النصوص فيضعها في مكانها، لأن كلاً يريد أن يكون حزبه الأفضل.


ووالله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لم يغضب لغضب الله. ولقد رأيت دعاة جهنم يغضبون لأنفسهم.


فلا حول ولا قوة إلا بالله.