(مركوبين ومهيصّير)
حول انعكاس سياسة شطف الدماغ التي مارسها الاحتلال على شباب العرب الدرزية
هادي زاهر
امر عجيب غريب شهدتها قرانا اثر الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل والتي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال فسفك الدماء مرفوض على كافة الأصعدة ولكن صورت وسائل الاعلام وكأن المشهد الداعم لإسرائيل يعم الجميع في قرانا الدرزية والحقيقة إن حالة من الاشمئزاز عمت قرانا وخاصة من العقلاء الذين عبروا عن رفضهم للحرب وحالة التملق التي انتهجها البعض لا سيما الحالة التي راحت تمزج بين علم الطائفة الدرزية وعلم الدولة، وهنا يكمن الخطأ الفاحش وهو أنه من العار ان يمزج علم الطهر مع علم الاحتلال، وقد تخطى هذا المزيج قرانا لتستغل وسائل الإعلام الإسرائيلية ذلك بخبثها المعروف، هذا علما بان معارضة سياسة السلطة وسط ابناء الطائفة الدرزية تفوق النسبة الموالية وذلك وفقا لمؤتمر هرتسليا التي اشارت إلى ان المعارضة بلغت 54% ولجامعة حيفا التي اشارت إلى نسبة 56%
وهنا لا بد من طرح السؤال على أولئك الذين شطفت ادمغتهم، هل تعتقدون بان السلطات الإسرائيلية تثمن خطواتكم.. هل تعتقدون بان قانون القومية سوف يلغى وتعتبركم الدولة مواطنين درجة "أ " هل سيلغى قانون كامنتس وتلغى سياسة كسر ظهوركم وإلغاء الغرامات بمئات الوف الشواقل، هل ستقر لكم خرائط مفصلة لتشمل مناطق صناعية لتستطيعوا من بناء ورشكم بدلا من الذهاب بعيدا للتفتيش عن مصادر الرزق.. هل.. وهل..
ومن مشاهد المسرحية التراجيدية أنه أقيمت محطات جمع التبرعات بالأغذية هذا علما بان دولة إسرائيل غنية وفي ظهرها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الامريكية وهي ليست بحاجة إلى فقركم لتزيده فقرا
ولعل من سخريات القدر أن كميات من الرزم الغذائية التي جمعت رميت في الزبالة كونها ليست " كشير"
ونعود إلى السؤال: هل يعتقد المبادرين ان مثل هذه الخطوة تزيد من ثقلهم لدى السلطات ام انها تزيد من استهتارها بهم
هناك حقيقة واحدة مؤكّدة وهي أنّ السّلطات الإسرائيليّة لم تحترم الطّائفة الدّرزيّة أبدًا ولم تقدّر تضحياتها وتعاملت معها أبشع ممّا تعاملت مع باقي أبناء شعبنا من الطوائف والمذاهب الاخرى وعلى كافّة الأصعدة، ولو استعرضنا واقع التّجمّعات السّكنيّة العربيّة لشاهدنا بأمّ أعيننا تطوّر القرى العربيّة مقابل القرى العربيّة الدّرزيّة، نجد أنّ السّلطات تضع العراقيل المختلفة أمام شبابنا وتمنعهم من البناء على الأراضي الّتي ورثوها من آبائهم وأجدادهم وتغرم شبابنا بالغرامات الباهظة الّتي تكسر ظهورهم كما أشرنا، في حين تقوم بمصادرة أراضي شّعبنا الفلسطينيّ والبناء عليها. الاغبياء الذين يطوشون على شبر من المياه لا يرون ابعاد خطواتهم، وهم ليس مخولين بالحديث باسم المجموعة ورفع علمها تحت أي سبب لان في كل شريحة ما فيها من مختلف وجهات النظر، ومن الشعور المختلف فهناك من يشعر بالانتماء الفلسطيني ومن قدم الغالي والثمين وسجن عدة سنوات مقابل ذلك ونذكر منهم للتأكيد فضيلة الشيخ ابو صياح عزة.. قويقس قويقس.. رياض عطالله وصالح قويقس الذي ما زال يقبع في السجون عاصم الخطيب الذي قتل في ظروف غامضة، وغيرهم ممن سجنوا لفترات متباعدة بسبب رفضهم لان يكونوا اداة في يد الاحتلال ولا نريد في هذا السياق ان ننشر لائحة بأسمائهم وكل حر في شعوره الذاتي، وكان أن طلب الشيخ موفق طريف والشيخ قاسم بدر بالكف عن التهور والكتابات المضرة
ولا بد من مشاهدة المشهد كاملا وهنا أتذكر باني عندما كنت طفلا حاصرت قطا داخل غرفة مغلقة فاخذ يدور ويدور وعندما أدرك بان لا مناص له من الهروب وقف في احدى الزوايا واخذ يهاجمني بشراسة، والإنسان العاقل عليه ان يشاهد الموضوع من كافة جوانبه، نحن ندعو إلى السلام العادل وفقا للقوانين الدولية وعدم الاعتداء على املاك ومقدسات الغير لنستطيع ان نهنأ من الحياة التي منى علينا الله بها
واخيرًا وما هو واضح بأنّ إسرائيل استطاعت أن تضلّل شبابنا بواسطة البرامج الدراسية الخاصة حتى أصبحنا (مركوبين ومهيصيّر) وهنا يجب أن تجري بالمقابل دروس سياسيّة تثقيفيّة إنسانيّة لنرى الواقع الحقيقيّ من كافّة جهاته، لا بدّ من أن نذكر توجّه سماحة شيخ عقل الدّروز في لبنان الدّكتور سامي أبو المنى الّذي أشار بوضوح إلى حقّ شعبنا الفلسطينيّ بتحقيق مصيره.