ما الذي كنت ستخسره أيها الجنديُّ؟
ستكبرُ هذه الرضيعة يوماً، ستجد فراغاً مأساوياً في ذاكرتها، اشتياقها لضمّةٍ من يدين مكبلتين، ستتذكر الجندي الذي سحب قلبها بعيداً، الجندي الرمادي المؤلَّفُ من أحصنة توراتية، وأجزاء من حاخامات قديمين، ستظل تلك النخزة في قلبها بعد أن تصير أُمّاً، وجدةً، وربما لا تستطيع تفسير ذلك العمى المؤقت الذي يصيبها كلما رأت لباساً رمادياً كالذي ارتداه كائن كان يجرُّ أباها إلى المجهول.
ما الذي كنت ستخسره أيها الجندي؟
لو وقفت لثلاث ثوان، فقط لثلاث ثوان، وأخليت بين القلبين، لو جعلته يقترب ليشم الحليب على شفتي ابنته؟
ما الذي كنت ستخسره أيها الجندي؟
إذا استعرت قلباً من جيرانٍ بعيدين، ولو على سبيلٍ دعائي، نحن سنعرف أنه ليس قلبك، لكننا كنا سنتجاهل ذلك، ونقول إنه تبقى لديك القليل من المعرفة بتركيبة البشر.
هذه الرضيعة جيل كامل بأحلامه ووصايا النار فيه، وقد خسرتَ كما خسر الذين من قبلك، كل الفرق أيها الجندي، كل الفرق، أن مصادفة ما، جعلت العالم يرى هذا المشهد من كاميرا عابرة، أما تلك البنت التي لم تعرف الكلام بعد، فلن يكفيها ألف عام كي تنسى لحظةً كان يمكن لثلاث ثوان فقط، أن تجعلها لحظةً عاديةً، لكنك جنديّ، والجنودُ لا يعرفون كيف يمكن للحظة مثل هذه أن تبقي النار في الروح.