يحتشد الناس في أزقة دلهي وندائهم يعلو ويعلو ينادون : رازية! رازية ! وليسقط ركن الدين ! .
من هي هذه السلطانة التي كسبت قلوب شعبها ؟ وصعدت إلى الحكم بعد مظاهرة شعبية حاشدة ؟ والتي عينها أباها وريثة العرش متجاهلاً أخوانها الشباب ؟
جلالة الدين رازية ( رضية)
لقبت برضية سلطان .
كان أباها شمس الدين ملك الهند ، وكان قد لاحظ في أبنائه السكر والمجون ، وفي ابنته الذكاء والفطنة ، فدرب إبنته على قيادة الجيش ، وإدارة أمور الدولة ، وأعلن على الملأ بأنها وريثة العرش .
غير أنه عند موته قام وجهاء الدولة بإعطاء الإمارة لأخاها ركن الدين .
وكان ركن الدين خميراً ، غير مهتم بالإمارة ، يقضي وقته بإقامة حفلات .
فبدأ غضب الشعب يزداد يوماً بعد يوم بسبب أعماله المشينة ، فخافت أمه
وقامت بمحاولة فاشلة لقتل رازية ، ومحاولة ناجحة لقتل أخيه الصغير كتاب الدين .
عندها قررت رازية أن الأمر قد استفحل ، فلبست غطاء رأس و دثوب أحمر (وكان ذالك لون الحزن عندهم) ، وصعدت منبر الجامع ، وألقت كلمة قوية ، فاجتمع الحشود ، ثم انطلقوا إلى القصر الملكي في مظاهرة شعبية حاشدة ، واقتحموا أبواب القلعة ، و دتوجو راضية ملكة في ١٢٣٦م .
وقامت ببناء مئات المدارس والمكاتب ، وحفر الآبار ، وتمهيد الطرق ، وأزدهرت العلوم تحت رعايتها ، وحاولت أن تقضي على العصبية التي كانت موجودة في زمانها ، بتعيين عبد حبشي اسمه ياقوت ، مديراً لأمور الأحصنة الملكية ، وحاولت تعيين هندوسي كان قد أسلم بمنصب مشرف عام (غير أن الأمراء لم يسمحوا بذالك أبدا) ، كما أنها أشتهرت بقربها من عامة الشعب وعدم الترفع والتكبر .
ولكن الأتراك كانوا يرونها كتهديد لسلطتهم ، فقد عينها عامة الشعب ، ورأوا في تعيينها لغير الأتراك في مراكز قوة بالدولة كتهديد آخر فقاموا بتشجيع المتمردين ضدها حتى توفيت مقتولة في ١٢٤٠م .
كانت كلمة (سلطانة) عندهم كانت تعني زوج الملك فلقبت برازية سلطان ، وما تزال ذكرى هذه السلطانة محبوبة جداً لكثير من سكان الهند .