خط مترو حلوان ..
بحلول عام 1915،
استلمت مصلحة السكك الحديدية المصرية خط حلوان بصفة نهائية من شركة سكك حديد الدلتا بعد دفع المبلغ المتفق عليه.
واستمرت الحكومة في تحسين حالة الخط ومحطاته وصرفت حتى عام 1925 حوالي 35 ألف جنيه،
وساهم إنفاق تلك الأموال في تحسين الخدمة بالخط. في الوقت ذاته قامت الحكومة بإنشاء المزيد من المخازن الفرعية لخدمة الشركات والمؤسسات ومنها مخزن الحربية بالمعادي وامتداد لمخزن شركة الأسمنت بالمعصرة ومخزن شركة الأسمنت بكفر العلو ومخازن شركة الأسمنت بمحطة التحويلة بطرة ومخزن شركة مصبغة بنك مصر على خط كفر العلو ومخزن شركة سيجورات بالمعصره ومخازن الطيران البريطاني بحلوان.
أضافت الحكومة أيضاً بعض المواقف على الخط عند كوتسيكا وشركة الأسمنت بتحويلة النيل بطره كما أنشأت كباري علوية لعبور المشاة بين الأرصفة كما تم تعديل محطة المعادي وأضيف لها رصيف للبضائع في عام 1931...
علاوة على إضافة العلامات الإرشادية على طول الخط. قامت الحكومة أيضاً بإلغاء محطة الساحل القبلي وأزالت مخزن السباخ في تلك المنطقة وسلمت أرضه لأملاك الميري وخصم ثمنه من رأس مال الشركة.
ولأن خط حلوان يمر بمنطقة صحراوية،
عمدت مصلحة السكك الحديدية إلى إنشاء مجاري لتصريف مياه السيول من الجبال الشرقية إلى الجهة الغربية أسفل الخط كيلا تجرفه السيول.
في تلك الفترة، كانت الجهة الغربية في المنطقة المحصورة بين محطة تحويلة النيل بطره الأسمنت والمعصره قد تم تقسيمها للبناء عليها وبدأ الناس بالفعل في البناء فصار لزاماً على مصلحة السكك الحديديه أن توجد ممراً جامعاً للسيل وتوصله بترعة الخشاب الموجودة غرب خط حلوان حتى لا يضر السيل بمباني الأهالي.
وفي عام 1937، رأت المصلحة أن يتم قطع الاتصال بين خط عين الصيرة وخط حلوان بمنطقة السيدة زينب وصارت نهاية خط عين الصيرة عند منطقة السلخانة.
وفي عام 1933، تم إنشاء كوبري علوي لمرور القطار دفعت تكلفته مصلحة السجون عند خط محاجر طره الذي كان يقطع خط حلوان عند منطقة طره.
وربما كانت التحسينات التي أدخلت على الخط خلال تلك الفترة من أفضل ما شهده منذ إنشائه.
في واقع الأمر ساهم هذا الخط في تطور المنطقة، فكما ذكرنا ساهم الخط في إنشاء ضاحية المعادي كما ساعد على زيادة عدد سكان حلوان وعلى إنشاء ضاحية المعصرة. وأسهم هذا الخط أيضاً في تطور الصناعة بالمنطقة،
ففي عام 1900 تم إنشاء شركة الأسمنت بالمعصره وبعدها في طره وكفر العلو بينما اقتصر النشاط الصناعي قبل ذلك على جباسة عنان
. في نفس الوقت، أنتشرت بتلك المنطقة بعد مد الخط صناعات قطع الأحجار والبلاط بالمعصرة وطره وحلوان حيث كانت تنقل تلك المنتجات إلى مختلف أنحاء مصر من خلال طره إلى محطة الميدان أو إلى محطة مصر عن طريق العباسية ومن محطة مصر إلى باقي أنحاء البلاد.
في بدايات القرن الماضى، كانت مصلحة السكك الحديدية تحصل مبلغاً قدره 184797 جنيهاً في العام على البضائع الصادرة علاوة على 66082 جنيها هي إيرادات تذاكر واشتراكات الركاب خلال عام 1940.
ولو كانت الحكومة قسمت أراضيها الواقعة بين محطتي مار جرجس والمدابغ وبين طره وحلوان وعرضتها على الجمهور بأسعار مناسبة مثلما فعلت مع أراضيها الواقعة على خط المطرية، لتغير شكل المنطقة خلال تلك الفترة.
الطريف أن الأرقام تشير إلى أنه حتى عام 1940 لم يكن هناك في المسافة بين محطة المدابغ وحلوان سوى 3 ضواحي فقط وهي المعادي التي لم يتجاوز عدد سكانها حينذاك 9122 نسمة
وطره التي وصل سكانها إلى 12857 نسمة
والمعصرة وعدد سكانها 5158 نسمة
أما حلوان فكانت تتمتع بالكثافة السكانية العالية التي بلغت 14365 نسمة.
وتجدر الإشارة إلى أنه حتى تلك الفترة، كان طريق طره العباسية باب الحديد وطره المواصله الميدان كان يستخدم لنقل البضائع في أوقات السلم ونقل الجيوش في حالة الحرب وهو اليوم الخط الحربي المهجور.
أما خط حلوان فكان يستخدم لنقل البضائع في المنطقة من طره وحتى المدابغ.
حتى عام 1945 كان طول خط باب اللوق حلوان حوالي 25 كيلومتر وكان الخط بالكامل مزدوجاً وتقع عليه 10 محطات أساسية وثلاث محطات ثانوية وكانت المسافة بين المحطة والاخرى تتراوح بين 712 متر إلى 7،33 كيلومتر.
وكان للخط سبع مزلقانات داخل المدينة في الجزء الواقع بين باب اللوق وفم الخليج و 9 مزلقانات على باقي الخط. كان الخط يمر على حوالي 4 أنفاق أرضية و7 كباري. وبلغ الفرق في المنسوب بين حلوان وباب اللوق حوالي 38 متراً أي أن نسبة الميل بلغت نحو 1 : 653.
حتى منتصف الأربعينيات كان خط حلوان هو خط المواصلات الرئيسي بين القاهرة وحلوان وما بينهما من ضواحي صغيرة.
وكان يوجد طريق يسير موازياً تقريباً للخط الحديدي إلا أنه لطول المسافة وضيق الطريق وإحاطته بالأشجار العالية ولإقامته على جسر مرتفع كثيراً عن الأراضي المجاورة له، لم يكن لهذا الطريق أهمية كبيرة كطريق سريع للسيارات.
في تلك الفترة، تدهورت مكانة حلوان كضاحية القاهرة الأولى وتجاوزت مكانتها الكثير من الضواحي الجديدة وعلى رأسها مصر الجديدة والمعادي التي بلغ عدد ركابها بالنسبة لخط باب اللوق ضعف ركاب حلوان.
جاء ذلك بسبب قرب المعادي نسبياً من القاهرة حيث لا تتجاوز المسافة بين المعادي ووسط المدينة 10 كيلومترات كما أسهم في شهرة تلك الضاحية الجهود التي بذلتها شركة المعادي في تجميل المدينة وتوفير وسائل الترفيه فيها.
خلال تلك الفترة زاد الحديث عن كهربة خط حلوان وكان الحديث عن هذا المشروع قد بدأ قبل ذلك بقترة ولكنه لم يحدث سوى في عام 1956.
بدأت دراسات كهربة الخط أي جعله يعتمد على الطاقة الكهربية لتسيير القطارات بدلاً من الفحم أو الديزل على يد السير فيليب داوسون في عشرينيات القرن الماضي حيث بدأ إجراءات لتنفيذ مشروع كهربة الخط بتكاليف قدرت بحوالي 300 ألف جنيه مصري.
وتم إجراء مناقصة على أساس مواصفات داوسون وكان هو الخبير الذي اختارته الحكومة المصرية لهذا الغرض.
كان لهذا المشروع مواصفات خاصة منها استخدام قطارات ثقيلة ذات سرعات عالية واستخدام تيار مستمر بضغط قدره 1500 فولت للأسلاك الهوائية ووضع كل محركين معاً لكي يكون الضغط العالي على كل محرك 750 فولت فقط. وكانت خطوة ذكية أمكن لداوسن من خلالها التوفيق بين الضغط العالي للأسلاك الهوائية والجهد المناسب للمحركات كي تكون النفقات أقل ما يمكن.
واختار داوسون محولات للتيار المتغير ذي الضغط العالي إلى التيار المستمر والتي تعرف بإسم "المحولات الدائرة".
اقترح داوسون إقامة محطتين كهربيتين فرعيتين الأولى عند محطة مار جرجس والثانية عند محطة المعصرة.
وبالفعل تقدمت بعض الشركات بعطاءات بناءاً على تلك المواصفات ولكن اللجنة التي كلفت بفحص المشروع واتخاذ قرار بشأنه لم توافق عليه .
وكانت أهم أسباب الرفض هي عدم بيان مقدار الأرباح التي تعود على خزينة الدولة مقابل صرف 300 ألف جنيه لكهربة الخط علماً بأن مناقشات المؤيدين للمشروع كانت قائمة على أساس زيادة الإيراد لانتشار العمران في هذه المنطقة قياساً على ما حدث في أحوال مشابهة بمصر ودول أخرى.....
والنفع الكبير الذي ينتج عن ارتفاع أثمان الأراضي الواقعة على جانبي الخط. وعملاً بما أشار إليه الخبير الفني من أنه كلما تعددت نواحي الانتفاع بالكهرباء في منطقة واحدة وكثرت المشروعات التي تستعملها كمصدر للطاقة كانت الفائدة أكبر والنفع أعم، رأى البعض ضرورة إعادة بحث المشروع ودراسة ما يتصل به.
في عام 1934 ظهر مشروع لنائب برلماني يدعى حسين بك سعيد وضعه أثناء عمله كمدير لسكك حديد الرمل الكهربائية بالإسكندرية (ترام الرمل) لكهربة خط حلوان.
اتفق مشروع حسين بك سعيد مع مشروع السير داوسون في نوع التيار الكهربي وجهده ولكنه اختلف في نوعية القطارات حيث رأى أن تكون قطارات ذات حجم أصغر ووزن أخف.
ورأي النائب أنه يمكن التضحية بجزء من سرعة القطارات الكهربية في مقابل توفير جزء كبير من نفقات كهربة الخط نتيجة خفة وزن القطارات. ورأى أيضاً أن تصنع عربات هذا الخط وشاسيهات تلك العربات في ورش سكك حديد الرمل الكهربائية بالاسكندرية لما لها من خبرة في تلك الأعمال.
وقدر حسين بك سعيد تكاليف هذا المشروع بنحو 160 ألف جنيه بأسعار تلك الفترة يتم إنفاق أكثر من نصفها في مصر أي أنه استطاع خفض تكاليف كهربة خط حلوان إلى النصف.
ولم توافق الحكومة على المشروع والسبب هو العربات الصغيرة التي أصر عليها النائب.
وفي نفس العام، استعان وزير المواصلات بخبير إنجليزي وهو السير فيلكس بول لدراسة الأمر وخلص إلى أهمية كهربة خطوط الضواحي بما فيها خط ثالث وهو خط القاهرة – القناطر الخيرية.
وفي 4 نوفمبر 1935 تم تشكيل لجنة من كبار موظفي المصلحة لإعادة فحص المشروع .
وبعدها في عام 1936 دعت مصلحة السكك الحديديه خبير بريطاني يدعى المستر كيب ليفحص مقترح كهربة خط حلوان،
وخلص الرجل إلى كتابة تقرير عرض على مسئولي الهيئة وجاء فيه أن حركة النقل على خط حلوان خلال تل الفترة لا تبرر سواء في وقت كتابة التقرير أو في المستقبل القريب ما تستدعيه كهربة الخط من نفقات.
وأضاف أنه إذا لم يصحب مشروع الكهربة مشروع اتصال خطي حلوان والمطرية بطريق حديدي أرضي فلن يكون مشروع الكهربة مفيداً من الناحية المالية.
وأضاف أن فكرة الحل الوسط بين الوضع الراهن ومشروع الكهربة بإدخال وسائل نقل أخرى مثل مركبات الترام لا تجدي.
وأضاف أن كهربة الخط لا بد أن تبدأ من خط المطرية حيث يمتد الخط مخترقاً العاصمة إلى باب اللوق. واقترح بصفة مبدئية لتحسين خط حلوان أن يتم ازدواجه بين باب اللوق والسيدة زينب ومده تحت الأرض، على أن يعتبر هذا جزء من مشروع كهربة الخط في المستقبل وإلا فأن المشروع يصبح غير ذي جدوى.
وأضاف مأمور الحركة في السكك الحديدية المصرية أن فكرة إنشاء محطة تحت الأرض في باب اللوق لا تستحق الإنفاق عليها إذا لم يكن الغرض منها كهربة الخط، فإذا ما تمت كهربة الخط يمكن أن يسير تحت الأرض أما إذا كانت القطارات لا تسير بالكهرباء فلا بد في تلك الحالة أن تسير أعلى الأرض لتصاعد الدخان.
وختم مستر كيب تقريره باقتراح أن تكون نهاية خط حلوان عند محطة السيدة زينب كمحاولة لتحسين الأداء على الخط مع رفع القضبان من شارع منصور بين السيدة زينب وباب اللوق واستخدام الشارع كطريق للسيارات.
#Egyptian_Railways_Heritage
#Abo_Ali