بقلم رئيس المجلس التشريعي بالإنابة د. أحمد بحر
كلمة البرلمان
التهديد باغتيال القادة.. دلالة العجز والإفلاس الصهيوني
ليس غريبًا أن تصدر التهديدات السافرة عن قادة الاحتلال الذين أدمنوا القتل وسفك الدماء ضد الأخ المجاهد يحيى السنوار وقادة المقاومة في إثر العمليات البطولية التي أذلت ناصية الكيان وسط قلاعه الحصينة، والتي كان آخرها عملية إلعاد التي نفذها مقاومان فلسطينيان، وهزت المنظومة السياسية والأمنية والاستخبارية الصهيونية في أعقاب اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال المدججة بكافة أنواع الأسلحة.
من جديد خرج علينا قادة الاحتلال الصهيوني الغاشم بتصريحاتهم العدوانية التي تحاول النيل من قادة المقاومة في محاولة لخلط الأوراق وتصدير أزمتهم الداخلية عقب انهيار أمنهم الداخلي على يد عناصر مجاهدة من خيرة أبناء شعبنا الذين توالت عملياتهم البطولية في قلب الكيان الغاصب.
لا تحمل هذه التهديدات الصهيونية العدوانية أي معطى جديد، فالكيان الصهيوني لم يتوقف عن اغتيال أبناء شعبنا واستهداف مقاومته الباسلة، قادة وجندا، في مرحلة من المراحل، ناهيك عن أن وتيرة التصعيد الصهيوني ضد غزة وشعبها المجاهد وفصائلها المقاومة لم تنفك شدة وارتفاعا في يوم من الأيام.
إن إطلاق التهديدات السافرة بحق قادة المقاومة يشكل العنوان الأبرز للإفلاس والعجز الصهيوني في مواجهة إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرسة التي تذود عن حياض القدس والمسجد الأقصى، وتحمي الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، وتتصدى للمخططات الصهيونية العنصرية التي تحاول، دون جدوى، فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
إن على قادة الاحتلال أن يدركوا جيدا أن تصريحاتهم العدائية وتهديداتهم البائسة وتحريضهم السافر ضد قيادات المقاومة، وعلى رأسها الأخ المجاهد يحيى السنوار، لن تخيف أو ترهب أحدا، ولا يمكن أن تهز شعرة واحدة في رأس أصغر طفل فلسطيني.
ألم يتعظ قادة الاحتلال من تجاربهم السابقة ويدركوا أن محاولاتهم استهداف قادة المقاومة، والمساس بالإرادة الفلسطينية، وتوهين عزم المقاومة الباسلة، أشبه ما تكون بمحاولات العاجزين الغرقى في بحار الفشل والخيبات المتواصلة، وأن شعبنا ومقاومته عصيّ على كل أشكال التركيع والإخضاع أيا كانت الظروف، وأن هذه المحاولات ستجر عليهم الوبال والويلات، وتفتح نيران الغضب وبوابات الجحيم؟!
ألم يستوعب قادة الاحتلال تجارب الحروب وعمليات الاغتيال التي نفذها على مدار المراحل الماضية ضد شعبنا ومقاومتنا، ولم يعد الاحتلال منها، حكومة وجيشا، إلا بفشل ذريع وجعجعات إعلامية فارغة خالية من أية مضامين استراتيجية، والتي كان آخرها معركة سيف القدس التي ذاق فيها الاحتلال بأس المقاومة، ورأى منها ما زلزل كيانه الغاصب وجعله يدرك أن بقاءه محرّم على أرضنا، وأن وقت زواله ورحيله عنها بات قريبا؟!
ليمتشق الصهاينة لواء التهديد والتحريض كما يشاءون، وليطلقوا الاتهامات كما يريدون، فوالله لن يجدوا منا إلا كل ثبات ورباط وصمود، ولن يجدوا فينا إلا مقاومة باسلة عظيمة تجرّعهم كؤوس المنون، وتتقن فن الدفاع عن شعبها وقضيتها، وتحرص على الموت كما يحرصون هم على الحياة.
إن تهديدات قادة الاحتلال لقادة المقاومة تشكل فاتحة لمرحلة جديدة من مراحل الصراع مع العدو الصهيوني، وكما فشل العدو الصهيوني في حروبه المختلفة التي كان آخرها معركة سيف القدس، فإن مصيره لن يكون إلا الفشل في سياق أي معركة قادمة بإذن الله، وسيتجرع حين يفكر بأي حماقة جديدة ضد شعبنا ومقاومتنا مرارة الخسارة الكاملة والخذلان التام.
لقد ولى عهد العربدة الصهيونية المفتوحة، وانتهى زمن فرض أجندة البطش والعدوان وشروط ومحددات وقواعد ومعادلات الصراع من طرف واحد، فالمقاومة التي تطوّر بنيتها العسكرية لحظة بلحظة، وتستخلص عبر ودروس الأحداث المختلفة، قادرة اليوم على إدارة معركة التصعيد بجدارة وحكمة واقتدار، بما يربك ساسة العدو، ويجهض مخططاته، ويحقق لشعبنا ومقاومتنا النصر والغلبة بإذن الله.
إن العدو الصهيوني يدرك تماما أنه لم يعد مطلق اليدين أو صاحب تقرير المعادلات الميدانية وقواعد اللعبة، وأن أي عدوان أو استهداف للقادة سيكون له تداعيات وخيمة وثمن باهظ للغاية، وأن الانزلاق إلى أي حماقة من شأنه أن يفجر صراعا لا متناهيا لن يكون فيه الصهاينة إلا أصحاب الكلمة السفلى، وستبقى كلمة شعبنا ومقاومته هي العليا بإذن الله.
وهنا نؤكد أن غزة ستكون دوما كما كانت خزانا للثورة ووقودا للكفاح الوطني، وعنوانا للعزة والصمود والكرامة الوطنية الفلسطينية من جانب، ومقبرة لكل الغزاة الحاقدين، وعلى صخرة صمودها ستتحطم كل المؤامرات والمخططات الصهيونية من جانب آخر.
وختاما.. فإن المقاومة ستبقى عند حسن ظن شعبها وأمتها بها، وستواصل الدفاع عن شعبنا وأرضه ومقدساته والتمسك بحقوقه وثوابته الوطنية حتى إنجاز النصر والتحرير والعودة بإذن الله.
"ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا"