📁 آخر الأخبار

أقدم سيارة في غزة : دفنها صاحبها لمدة 50 عاماً خوفاً من إسرائيل

 أقدم سيارة في غزة : دفنها صاحبها لمدة 50 عاماً خوفاً من إسرائيل


يلفت انتباه المارة  فى بداية شارع الجلاء وسط مدينة غزة والذى يربط المدينة بالمنطقة الشمالية، سيارة زرقاء اللون قديمة الطراز تختلف عن بقية السيارات ، بشكلها وطريقة فتح ابوابها العكسية، تقف امام احد البنايات السكنية فى المنطقة.

وفى اول زيارة لى للمنطقة اشار صديقى لى بان هذه السيارة تشبه السيارات التى كان  يركبها الراحل عبد الحليم حافظ، لاعتبارها من الجيل القديم ومن نفس الطراز.

صاحب السيارة سليم حتحت" 63 عاما" ، والذى ورثها عن "حماه" والد زوجته، ليقوم بترميمها واصلاحها من جديد بعد سنوات من الدفن داخل كراج خاص بها.

وتعود السيارة للمرحوم زكريا الغندور وهو موظف سابق فى الاونروا، ويمتلك سيارتين، اضطر لتفكيك احداهما وهى من نوع فيات 1100، تجنبا لمصادرتها من قبل الاحتلال الاسرائيلى الذى سيطر على قطاع غزة عام 1967، بعد اشاعات انطلقت حينها بمصادرة سيارات المواطنين.

وقد  احتلت اسرائيل قطاع غزة وسيناء والضفة الغربية بعد حرب عام 1967  نكسة يوليو حزيران، وسيطرت على قطاع غزة بالكامل وخضع لسيطرتها.

واضطر مرغما بعد التفكيك لتخبئة قطع الغيار وهيكل السيارة داخل كراج خاص بمنزله، ولم يعرف احد من ابنائه او اصهاره عن هذا الكنز الا قبل وفاته بفترة قصيرة.

واختار المرحوم الغندور صهره حتحت من بين ابنائه واصهاره، ليكشف له عن هذا السر القديم قبل وفاته عام 2000 باشهر قليلة، مبديا رغبته بالحفاظ عليها وصيانتها لعمله فى مجال التجارة واصدقائه الكثر فى مجال صيانة السيارات والسمكرة.

وترك حتحت فكرة السيارة طويلا بعد وفاة حماه، الا انه عاد من جديد فى عام 2007 باستخراج السيارة من الكراج، وتجميع القطع المتناثرة والبحث عن القطع المفقودة.ومن بعد وفاته كانت المفأجئة بعدما بدأ حتحت بالتنقيب على السيارة من بين قطع غيار كثيرة فى كراج مهجور، وقال" وجدت السيارة بدون محرك بالاضافة لفقدان قطع غيار كثيرة منها مهمة جدا للسيارة، وبدات برحلة البحث عن قطاع غيار للسيارة من مصر والاردن والضفة الغربية على مدار ثلاثة سنوات لاتمكن من احيائها مرة اخرى".ولم يتمكن اى ميانيكى من صيانتها نظرا لقدم صناعتها وتركيبها واختلاف العمل فيها عن السيارات الحديثة، الا انه سمكرى دهان واحد تخطى الخمسينات من عمره تمكن من دهانها واعادة بريقها لمعرفته بهذه النوعية من السيارات، بالاضافة لميكانيكى من نفس عمر السيارة تمكن من صيانتها واصلاحها ودب الحياة فى محركها لتسير من جديد فى الشوارع.

واحتاجت السيارة عملية صيانة طويلة ومختلفة ومعقدة، فلا يوجد اى قطع غيار لها لقدم صناعتها، وتحتاج كل قطع الغيار لعملية صيانة فقط واعادة تأهيل وليس تجديد، حتى ان استبدال الكراسى داخل السيارة احتاجت خياط قديم لاعادة صيانتها وحبكها، معتبرا اطارات السيارة الوحيدة التى قبلت بالتجديد."وفق قوله".وتابع حتحت" السيارة تحمل رقم 223 اجرة غزة، وقد اشترى حماى السيارة فى زمن كانت السيارات رخيصة الثمن، مع ارتفاع باهض فى سعر شراء لوحة ارقام السيارة، وقد اضطر لبيع قطعة ارض له على شاطئ بحر مدينة غزة، لشترى لوحة الارقام بمبلغ 13 الف دينار اردنى، وضحى بارضه  لتكون السيارة ملكه، وقد وصلت سعر ارضه المباعة فى هذه الايام الى نصف مليون دولار".

واشار حتحت لدنيا الوطن انه بعد تجهيز السيارة وصيانتها دفع له بعض المشترين مبلغ  عشرة الاف دولار مقابل شرائها، الا انه رفض ذلك ليتمتع بقيادة هذه السيارة القديمة والاثرية، كما يفضل قيادتها عن قيادة مركبة اخرى له من نوع" مرسيدس شبح"، كما يصطحب معه مسنين من عهد صناعة السيارة فى جولة داخل المدينة.وتعتبر السيارة "فيات1100" ايطالية الصنع من اقدم السيارات فى مدينة غزة صنعت عام 1955، واضاف " حدثنى حماى ذات مرة انه نقل عشرة اشخاص داخل هذه السيارة الصغيرة من مكان بعيد لغزة،  وانا اتنقل فيها بشكل يومى مع زوجتى للذهاب لصلاة التراويح".

ويشارك حتحت فى معارض كثيرة للسيارات القديمة، كما رفض فكرة ادارة الترخيص بغزة بدفع رسوم الترخيص مقابل الحصول على لوحة ارقام جديدة، مفضلا البقاء على لوحة الارقام القديمة المتواجدة على السيارة، لاضفاء طابع اثرى على السيارة .وفى احد الايام تفأجأ حتحت برجل مسن كفيف برفقة ابنه يسير حول السيارة ويتحسسها بيديه، ومن ثم انهار بالبكاء وطلب منه الحفاظ عليها، مستذكرا حياته بقيادة السيارة قبل فقدانه للبصر.

ويحترم المواطنين حتحت على المفترقات  وفى الشوارع بمروره بسيارته، ويفسح السائقين الطريق لسيارة حتحت للسير اماهم لتأملها وقراءة لوحة الارقام ، ويقوم اخرون بالتقاط الصور بجانبها.

وأكد حتحت انه سيورث السيارة لابنائه واحفاده للحفاظ على التاريخ والتراث الفلسطيني، لتبقى ذكرى جميلة من جدهم يتوارثها الاباء والابناء.