القاعدة النحويّة :
" الجمل بعد المعارف أحوال ، وبعد النكرات صفات "
.. لا تُؤخذ على إطلاقها ، يل تقيد بقولنا :
1- ( الجملُ بعد المعارف المحْضة أحوالٌ .. وبعد النكراتِ المحْضةِ صفاتٌ )
أ- فمن الأول ( بعد المعارف المحضة ) قوله تعالى " ولا تقربوا الصلاةَ وأنتم سُكارى " ( من الآية 43 - النساء ) فالجملة الاسمية ( وأنتم سُكارى) في موضع نصب حال من الضمير ( واو الجماعة ) وهو أعرف المعارف على الإطلاق .. وقوله تعالى " وجاءوا آباهم عِشاءً يبكون " ( من الآية 16 – يوسف) فالجملة الفعلية ( يبكون ) في موضع نصب حال من الضمير ( واو الجماعة في جاءوا) لوقوعها بعد معرفة محضة .
ب- ومن الثاني ( بعد النكرات المحضة ) قوله تعالى " واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله .." ( 281- البقرة ) فالجملة الفعلية ( ترجعون ) في موضع نصب نعت لمنعوت منصوب وهو ( يومًا ) الواقع مفعولًا به ( 1) ، وقوله تعالى" خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم وتزكيهم بها ... " ( من الآية 103 – التوبة) فالجملة الفعلية ( تطهرهم ) في موضع نصب نعت لمنعوتِ منصوب ( صدقةً) الواقع مفعولًا به .
2- ( الجمل بعد المعارف غير المحضة تحتمل الحالية والنعتيّة)
- ولها صورتان :
- الصورة الأولى : الجملة الواقعة بعد معرّفٍ بـ ( أل ) الجنسية – أي : التي هي لتعريف الجنس ، فالاسم بعدها بمثابة النكرة لأنه شاع في جنس غير محدد ، ومنه قوله تعالى " مثلُ الذين حُمّلوا التوراةَ ثُمّ لم يَحْمِلوها كمثلِ الحمارِ يَحْمِلُ أسفارًا" من الآية ( 5 – الجمعة ) فـجملة ( يحملُ ) وقعت بعد اسم مُعَرّفٍ بـ ( أل) الجنسية ، فلم تعيّن حمارًا بعينه .. وعليه يجوز في جملة ( يحملُ ) أن تكون في موضع نصب ( حال ) مراعاة للفظ .. ويجوز أن تكون في موضع خفضٍ مراعاة للمعنى .
ومثلُ الآية الكريمة قول شمّر بن عمرو الحنفيّ – كما نسبه الأصمعيّ ( الكامل) :
- ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئيمِ يَسُبْني فَمَضَيْتُ ثُمّتَ قلتُ لا يعنيني .
فـ ( أل) في ( اللئيم) لتعريف الجنس ، وليس لئيمًا بعينه .. وعليه يجوز في جملة ( يسبني) النصب على الحال ، مراعاةً للفظ ، والخفض على النعتِ مراعاةً للمعنى .
- الصورة الثانية : الجملة الواقعة بعد نكرةِ موصوفة ، جاز إعرابها نعتًا ثانيًا ، لأنها بوصفها اقتربت من المعرفة لكن لا ترقى لأنْ يكون معرفة ، وجاز إعرابها حالًا للوصف ، لأن النكرة إذا وصفت جاز الابتداء بها .. ومن ذلك قوله تعالى " وجاء رجلُ من أقصى المدينةِ يسعى " من الآية ( 20 – القصص) فـ ( رجلُ ) نكرة ، وصفَ بالظرف ( من أقصى المدينة) ثم جاءت جملة ( يسعى ) بعد نكرةٍ موصوفةِ ، فجاز فيها وجهان إعرابيان .. أنْ تكون في موضع رفع ، نعتًا ثانيًا على الأصل .. وأن تكون في موضع نصب حالًا ، على اقترابها من المعرفة بالوصف .
وقوله تعالى " فارتقب يوم تأتي السماء بدخانٍ مبينٍ يغشى الناسَ .. " من الآية ( 10 – الدخان) فـ ( دخان ) نكرة وصفت بقوله ( مبين) ثم جاءت جملة ( يغشى) بعد نكرةٍ موصوفة ، فجاز فيها وجهان إعرابيان .. أن تكون في موضع خفضٍ نعتًا ثانيا على الأصل .. وأن تكون في موضع نصب حالًا ، على اقترابها من المعرفة بالوصف .
.. من هنا نقول :
- إنّ قاعدة الجمل بعد المعرف أحوال ، وبعد النكرات صفات لا تُؤخذ على إطلاقها بل يجب فيها التحديد لكل من المعرفة والنكرة ، على ما بيّناه سابقًا .
............................................................................................
1- الجمل بعد الظرف المنون تعرب نعتًا في محل رفع أو نصب أو خفض تبعًا للمنعوت .. وبعد الظرف غير المنون تعرب في محل خفض بالإضافة .