📁 آخر الأخبار

حروب صامنة في الويكبيديا

الحروب الصامتة في الويكبيديا !                 بقلم/ توفيق أبو شومر

الويكبيديا، موسوعة ثقافية إلكترونية حُرة، صُنِّفت منذ سنوات بأنها الأكثر شعبية في العالم، فهي الأكثر تأثيرا على عقول البشر، وفق، مجلة تايم، تدور في ساحاتها الثقافية والفكرية أشرس المعارك بلا أسلحة تقليدية.

جيمي والس، من أبرز مؤسسي هذه الموسوعة الرقمية، هذه الموسوعة يعتبرها كثيرون سجلا شاملا ومرجعا لكل الأحداث والتواريخ، ويقيمها الأكاديميون بأنها ليست مرجعا معتمدا أكاديميا، لأن محرريها متعددون، غير مؤهلين علميا، فهي عُرضة للتحريف والتزييف، غير أنها تُعتبر اليوم هي الطبق الشعبي الثقافي المهيمن على كل الوجبات الثقافية والعلمية!

لأجل ذلك انتبهتْ دولٌ عديدة إلى أهميتها، واعتبرتها أخطر وسيلة إعلام مجانية، مؤثرة في العقول، لذلك أنشأت الدولُ فرَقا خاصة لمتابعة محتوياتها، واستَحدثتْ جامعاتٌ عديدة أقساما مختصة بتكنولوجيا الويكبيديا لدراستها، والتأثير فيها!

تُعتبَرُ إسرائيل مِن أبرز الدول التي انتبهت إلى تأثيرها، لذلك أسست طواقم، ومختصين، وباحثين، في معظم الجامعات والمعاهد الإسرائيلية لمتابعة محتوياتها، والمشاركة في الحرب الصامتة فوق ساحتها، بدءا بتقديم الاعتراضات على محتوياتها، وتعديلها لهدف غزو العقول! ومن أبرز الأخبار المتعلقة بذلك؛

"أرسلتْ إسرائيلُ شكوى لمجلس إدارة الويكبيديا، في شهر فبراير عام 2021م تعترض على تعريف؛ (حزب الله) في الويكبيديا باللغة الإنجليزية، طالبتْ إسرائيل بتحديث صفحة، حزب الله، وإعادة تعريفه في هذه الموسوعة، وضرورة وضع جدول بالعمليات (الإرهابية) المنسوبة لحزب الله ضد المدنيين الإسرائيليين! وفق موقع إخباري إسرائيلي اسمه، (ميديا لاين) لأن ستا وعشرين دولة، أقرَّت بأن حزب الله منظمة إرهابية"!

أما صفحات موسوعة الويكبيديا باللغة العربية، فهي ليست فقيرة فقط بمحتوياتها المعرفية، بل خاطئة، وناقصة في كثيرٍ من المعلومات، وليس هناك مَن يتابعون تصحيحها، وتحديثها باستمرار.

سيظلُّ العربُ وبخاصة الفلسطينيون أقلَّ المؤثرين في كل شبكات المعلومات الرقمية، على الرغم من أنهم من أكبر المستهلكين لمنتجاتها، بخاصة صفحات الويكبيديا، فهم يستهلكون منتجاتها بلا تدقيق.

كنموذج فقط، تابعتُ التعريف بحركة فتح في الويكبيديا، وجدت المعلومات التالية عنها باللغة الإنجليزية: "حركة فتح، حزب وطني ديموقراطي، هو الأكبر في منظمة التحرير، يعود تاريخُ تأسيسه عام 1959 من قبل فلسطينيي الشتات ممن يعملون في الخليج الفارسي، درسوا في القاهرة، وبيروت، وهاجروا لغزة، بعد أن كانوا رؤساء اتحاد الطلاب في القاهرة، ووفق، البي بي، سي، يوم 4-8-2009م، فإن عرفات انقلب على يحيى حمودة عام 1969م، وأصبح رئيس المنظمة"!

مما جاء في الموسوعة نفسها ولكن، باللغة العربية: "حركة التحرير الوطني الفلسطيني تعترف بوجود دولة إسرائيل وبأحقيتها في الوجود على الأراضي التي احتلتها قبل العام 1967م، لعبتْ دورا رئيسيا في أحداث أيلول الأسود، والحرب الأهلية اللبنانية"!!

هناك إهمال وتقصير في تدوين التاريخ الفلسطيني، ليس القديم منه، بل الحديث أيضا.

 هذا التحريف والخطأ ليس موجودا فقط في صفحات الويكبيديا، بل طال الاضطراب والتحريف والخطأ الصفحات الفلسطينية الرسمية، فموقع منظمة التحرير الفلسطينية باللغة العربية، يؤرخ لحركة فتح، بأن بدايتها تعود لأواخر عام 1957م، أما صفحة، وكالة الأنباء الفلسطينية، وفا، فتؤرخ بأن البداية كانت عام 1958م، مما حدا بمَن يقتبسون التواريخ مثل صفحة، البي، بي، سي بالعربية أن تقول: " أُسست حركة فتح في خمسينيات القرن الماضي"!

وكأن حركة فتح يعود تاريخُ تأسيسها إلى العصر الحجري أو العصر البرونزي! على الرغم من أن كثيرين من معاصريها ما يزالون أحياءً يُرزقون!