لمَّا كان عندي سبع سنين، أخويا الكبير جاك اللي كان عنده وقتها تسع سنين، مات في حادثة عربية، حد خبطه بالعربية وجرى بسُرعة، كان صُغيَّر أوي وميستحقش الموت، ملقوش السائق القاتل دا أبدًا، في الحقيقة ... هُمَّا مدوروش عليه بما فيه الكفاية، أو بمعنى أصح مكانش عندهم أي معلومات كفاية عشان يدوروا عليه، محدش شاف نمر العربية، محدش قدر يحدِّد نوع أو موديل أو حتى لون العربية اللي خبطته، حاجة غريبة ... صح؟
عمومًا هُمَّا مبيساعدوش حد يعني، عندهم حاجات أهم مننا!
قررنا ندفن جاك في التل اللي ورا بيتنا، المنطقة دي كان فيها مرج متعودين نلعب فيه، وبرغم إن حوالين المرج دا سور صغيَّر، لكن أنا وجاك كُنا متعودين ننط من فوق السور ونلعب فيه، خصوصًا شجرة التفاح الكبيرة المزروعة فيه، وساعات كُنا بنسرق تفاح من الشجرة، جاك كان بيحب التفاح جدًا، عشان كدا قررنا نزرع شجرة تفاح جديدة فوق قبر جاك، وبدأت الشجرة تكبر وتتملى حيوية زي ما كان جاك مليان حيوية قبل ما يموت
في البداية كُنت متعوِّد أزوره كُل يوم، لكن مع مرور الوقت بدأت أزوره كل أسبوع، وبعدين كُل شهر، وبعدين مرة كُل سنة تقريبًا، بدأت أتشغل في الدراسة لكني كُنت حريص ألاقي وقت أزوره فيه
لمَّا بقيت مُراهق، ودخلت المدرسة الثانوية، بدأت زياراتي لجاك تقل، وفي كُل زيارة كُنت بهتم بشجرة التفاح بتاعته، اللي كبرت وبقت شجرة عظيمة ومورقة، كأن جاك عايش من خلالها
وكأن جاك عايش من خلالها ...
.
كُنت متعوِّد أتكلِّم معاه، وكان بيرُد عليَّا، همسات بسيطة بسمعها، أهلي بيقولوا إن دا صوت الرياح اللي بتمُر من بين ورق الشجرة، بس دي مش الحقيقة، الحقيقة إن أنا وجاك طول عمرنا قريبين من بعض، لكن محدش منهم كان مصدقني
أثناء الدراسة الثانوية كُنت بتعرَّض للتنمُّر، كان فيه ثُنائي ولد وبنت اسمهم كيفين وأليس، بيتنمروا على الناس اللي زيي، كيفين كان بيضربني وأليس كانت بتسخر مني وتطلع عليَّا أسماء، ولمَّا بقية المُتنمرين شافوا إني ضعيف ومش بدافع عن نفسي، بدأ الموضوع يزيد
.
لمَّا بقي عندي 17 سنة، كان المفروض جاك يبقي عنده 19 سنة، وقتها كُنت منبوذ شوية، مكانش عندي أي أصدقاء غير جاك، شجرة التفاح، أهلي، وطبيبي النفسي، طبيبي النفسي اللي نصحني بلاش أروح الجامعة عشان حالتي متزدادش سوءً، وأنا سمعت كلامه عشان أفضل طول الوقت قريِّب من جاك، وكمان لأن كُل اللي كانوا بيتنمروا عليَّا دخلوا الجامعة وسابوا البلدة
أو على الأقل أنا كُنت فاكر كدا ...
كيفين وأليس مدخلوش الجامعة، وبدأوا يزوروا مرج جاك، بيتمشوا فيه ... بيلعبوا ... وبيضحكوا
أنا بكرههم
بس كُنت بتجنبهم، عشان في النهاية هُمَّا بيخلصوا جولتهم وبيمشوا، وبيسيبوني أنا وجاك في حالنا
لكن الوقت اللي بيقضوه في المرج بتاع جاك بدأ يزيد ويبقي أطوَّل
حسيت إني لازم أحمي أخويا منهم، في البداية كانوا بيضايقوني طول الوقت، ودلوقتي بيضايقوه هو، كان لازم أوقفهم عند حدهم، خصوصًا لمَّا ضحكاتهم بدأت تزيد وصوتهم بدأ يعلي، ساعات كانوا بيشوفوني، وساعتها كانوا بيبطلوا ضحك وبيبصولي بشر وحقد، بس أنا مكُنتش مهتم، أنا بس عايزهم يسيبوا جاك في حاله
لكن كيفين وأليس عُمرهم ما كانوا أسوياء، ومكانوش يعرفوا إن فيه حدود مينفعش حد يعديها
في يوم سمعت أصواتهم، جريت على المرج، مُستعد عشان أدافع عن جاك، بس فوجئت إن أليس بتسرق تفاحة من شجرة جاك، كيفين لمَّا لاحظ وجودي سرق تفاحة كمان
وقفت مكاني بدون حركة، الغضب كان بيحتل روحي بالكامل، عُمري ما حسيت إني بكره أي شخص زي ما حسيت إني بكرههم في اللحظة دي، صحيح أنا سبتهم يدخلوا المرج، ويتجولوا فيه براحتهم، لكن يسرقوا حاجة من شجرة أخويا ويجرحوه بالشكل دا!
جريت ناحيتهم، صرخت فيهم يتوقفوا عن اللي بيعملوه ويسيبوه في حاله، أعتقد إنهم خافوا مني لأنهم سابوا التفاح يقع على الأرض وهُمَّا بيجروا بسُرعة، كُنت سامع جاك بيصرُخ بألم، أنا غلطان، من هنا ورايح هفضل جنبه عشان أحميه
أنا هحميك يا جاك!
.
وبدأت أنفذ وقفتي الاحتجاجية
في الليلة الأولي مفيش حاجة حصلت، القمر كان كبير ومنوَّر المرج كُله
في الليلة الثانية كمان مفيش حاجة حصلت
وكذلك الليالي الثالثة والرابعة والخامسة
أهلي كُل يوم كانوا بييجوا المرج عشان يجيبولي أكل ويقنعوني أرجع البيت تاني، لكني رفضت، أنا هحمي جاك طول الوقت
في الليلة السادسة جابولي الأكل ومشوا من غير ما يكلموني، تقريبًا يأسوا مني
لكن للأسف مكُنتش أقدر أفضل صاحي أكتر من كدا
في الليلة السابعة النوم غلبني، كُنت تعبان ومُرهق والجو هادي
ونمت ...
لمَّا صحيت كانت الشمس غربت، نمت فترة طويلة من التعب، كُل حاجة كانت هادية
هادية زيادة عن اللزوم
بصيت لفوق، وصرخت!
شجرة جاك كانت عارية تمامًا، شالوا كُل الورق اللي في الفروع وسرقوا كُل التفاح، طبعًا مش محتاجة أي تفكير عشان نعرف مين اللي عمل كدا، أنا كُنت عارف ومُتأكِّد
ليه؟
عشان ناحتين على شجرة جاك بسكين ضخم قلب
قلب مكتوب فيه 3 كلمات
(كيفين وأليس
للأبد)
أنا كُنت بغلي من الغضب لمَّا سرقوا تفاحة، متخيلين الغضب اللي أنا حاسَّة بيه دلوقتي لمَّا سرقوا كل التفاح وشوهوا شجرة حاك بسكينهم القذر
ساعتها حسيت بالغضب بيملى روحي
للأبد؟ ... تمام عايزين تبقوا سوا للأبد
مفيش مُشكلة
كانوا عايشين سوا، وأنا عارف عايشين فين
قررت أزورهم
الباب الخلفي بتاع بيتهم كان مفتوح
الناس بتنساه دايمًا
دخلت بيتهم
لقيت السكين اللي شوهوا بيه الشجرة
طلعت غرفة النوم بتاعتهم
بدأت بكيفين، دبحته بدون رحمة
وبعدين أليس حصلته
سحبت جُثثهم لحَد المرج واحد ورا التاني
حفرتلهم حفرة جنب جاك
ودفنتهم
همَّا قالوا عايزين يبقوا سوا للأبد
وأنا خليتهم سوا للأبد
.
طالما وصلت لهنا يهمني اقولك ملحوظة مهمة: دي مش رواية ... دي قصة مترجمة من القصص الحقيقية اللي بترجمها بشكل يومي وبنزلهم علي الفيس بوك ... اخر رواية من تأليفي هي رواية باب اللعنات وآخر رواية من ترجمتي هي رواية لا مخرج
.
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل