(( قانون حماية الأسرة من العنف ))
وضرورة الانتقال من الأقوال إلى الأفعال
بقلم : محمد علوش *
تتنامى بشكل متصاعد الأفكار والأطروحات الساعية وبشكل حثيث من أجل الانقضاض على منجزات الحركة الوطنية والاجتماعية الفلسطينية والتي تراكمت عبر عقود طويلة من النضال ، انطلاقا من أجندات سياسية وحزبية باتت مكشوفة ومعروفة للجميع ، وهناك من يريد الانقلاب على كل ما هو حضاري وتقدمي وعلى كل منجز وطني أو اجتماعي ، ، فتارةً تنطلق بيانات وتهديدات ومسيرات ومؤتمرات و" خطب منبرية عصماء " ضد " اتفاقية سيداو " التي هوجمت وشوهّت دون أن يطلع عليها أي من هؤلاء ، وتارةً تثور ثائرة تلك القوى والجماعات والشخصيات التي لا شأن لها سوى الطعن والتشكيك والتحريض والتعبئة المناوئة لأي تغيير من شأنه الرقي بالمجتمع وتطويره والحفاظ عليه .
على القوى السياسية والاجتماعية كافة ، إن كانت جادة فيما تطرحه ، وان كانت فعلاً تؤمن ببرامجها وأدبياتها أن تنطلق انطلاقة مختلفة تكون فيها الأفعال قبل الأقوال ، وبخاصة إزاء القضايا المجتمعية وعلى رأسها حقوق المرأة ، وما يثار من جدل اليوم حول إقرار " قانون حماية الأسرة من العنف " ، مع تصاعد الانتهاكات والعنف ، والقتل بحق عدد من النساء في الآونة الأخيرة ، وقد كشف النقاب عن وجود مؤشرات واضحة حول تصاعد حالات العنف الأسري ، الأمر الذي يستدعي الإسراع في إقرار القانون ، وحماية الأسرة من مخاطر وتداعيات العنف ، وعدم وضع رؤوسنا في الرمال وأن يدّعي البعض أن هناك تهويلاً وتضخيماً لبعض الحالات !!
هناك ضرورة للتصدي لحملات التشويه التي تطال قانون حماية الأسرة من العنف من قبل أشخاص وجهات لم تطلع على القانون، وتحاول توظيف الدين بغير وجه حق لأغراض التكفير ومحاولة تخويف المجتمع والمدافعين عن حقوق المرأة
ألوم بشدة كافة القوى السياسية وخاصة القوى اليسارية والديمقراطية منها ، والتي لم يسمع صوتها إزاء الرد على حملات التحريض والتكفير التي تتعرض لها الناشطات النسويات ، والمؤسسات النسوية ، التي تقودها قوى ظلامية تكفيرية ، حيث وصلت الأمور في بعض الأحيان للتهديد بالقتل ، الأمر الذي يشكل خطراً على السلم الأهلي والمجتمعي.
في ظل هذا الواقع وتعقيداته ، تكمن الضرورة بتحمل المسؤولية في حماية النسيج الاجتماعي ، والقيام بخطوات باتجاه إصدار القانون لأهميته بتوفير حماية المرأة والأسرة ، وهذا القانون يقوم على حماية وحدة الأسرة وتماسكها الاجتماعي ، ويقدم مقاربات للوقاية والتأهيل للضحية والجاني ، وعلى تعزيز تدابير الحماية ، والهدف منه الحفاظ على الأسرة من التفكك ، وليس كما يحاول البعض تصويره على أنه لتفكيك الأسرة ، بل حماية الأسرة ، ويجب على المجتمع وقواه الحّية تحمل مسؤولياته لمنع ارتكاب المزيد من الجرائم وحماية الأسرة والمرأة معاً من أي شكل من أشكال العنف .
المرأة شريكة الرجل وخصوصاً في الحالة الفلسطينية ، عبر ما قدمته طيلة مراحل النضال ، وتقديمها لنماذج العطاء والعمل على مدار عقود طويلة ، فلا بد من إنصافها ، ووقف الظلم الذي تتعرض له تحت مسميات مختلفة.
إنّ تبني قانون لحماية الأسرة من العنف في فلسطين ، يُعّد خطوة في غاية الأهمية بسبب قصور التشريعات السارية بتوفير الحماية لضحايا العنف وبخاصة العنف الأسري ، حيث تعاني الجهات المكلفة بإنفاذ القانون من القدرة على التحرك السريع ضمن إجراءات وقائية للحد من العنف وتوفير الحماية للضحية ، وتزداد " الحاجة إلى قانون لحماية الأٍسرة من العنف بعد تشكيل العديد من الإدارات المتخصصة في الوزارة والأجهزة المعني ة، سواء لدى وزارة التنمية الاجتماعية أو الشرطة أو النيابة العامة ، والتي تواجه تحديات كبيرة في ظل غياب قانون يشكل إطاراً مرجعياً لعملها، مما حدا بالكثير من هذه الجهات المختصة إلى إصدار أدلة إجرائية تُسهّل عملها " في ظل عدم إقرار قانون خاص بحماية الأسرة من العنف.
الوعي المجتمعي له أهمية كبيرة باتجاه تعزيز رصد وتوثيق والإبلاغ عن حالات العنف ، وهذا يتطلب إنشاء جهات مختصة لمتابعة وملاحقة العنف ضد النساء ، وهذا الأمر يستند إلى ضرورة الارتقاء بمستوى الوعي الأسري من خلال وضع برامج موجهة تقوم على مبدأ المساواة بين الجنسين ، وهذا يتم بتكامل العمل ما بين الدوائر والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.
هذه حقوق ومبادئ أساسية في صلب الرؤية التي يجب الانطلاق منها للتأكيد على حق الأسرة الفلسطينية بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص في العيش بحرية وكرامة في ظل مجتمع ديمقراطي حر يؤمن بالعدالة والمساواة وحقوق الإنسان ، فالمرأة الفلسطينية لها حقوق واجبة الاحترام ، وهي جديرة بالحماية والتمكين والتكريم كونها شريك رئيسي في النضال الوطني والسياسي والاجتماعي.
- عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني