كان من ضمن العاملين لدي شابٌ نشيطٌ جداً، وناجحٌ في عمله، وكان يقوم بكل ما يطلبُ منه بذكاءٍ وسرعةٍ ودقةٍ، كما أنه يحقق نسبةَ إنجازٍ عاليةً، لكنه كان لعوباً إلى حد ما...
كان يغادرُ مقرَّ عملهِ كثيراً بدون إذن، إجازاتُه وأذوناتُه أكثر من المُعتاد...
يوم من الأيام طلب هذا الشاب إجازة ليخرج مع عائلته في رحلة... لكنني رفضتها بسبب ضغط العمل... صباح اليوم التالي اتصل مدعياً المرض معتذراً عن الحضور للعمل و تقدَّم بإجازةٍ مرضية..!
وأنا كنت شاطر وعارف أنه ليس مريضاً وأن هذا فيلم كي يتمكن من مشاركة عائلته بالرحلة... فوراً ذهبت إلى بيته كي أكشفه وأعلمه درساً، قابلته أمام بيته وهو يحمل شنط الرحلات وطناجر الأكل وعبوات المياه...
عملت حالي شاطر.. وفاجئته وسببت له الإجراح، وفي لحظة شعرت بالخجل من نفسي أن جعلت الشاب يذوبُ خجلاً، ووجههُ يتقلّب بين إحمرار الوجه والحرج... صراحة موقف صعب سببته له ولنفسي.
فجأة وبرد فعل عنيف لأثبت شطارتي وذكائي وإنتصاري عليه، أوضحت له أنه لايستطيع خِداعي مهما بلغ من الذكاء، وأنني لستُ بتلك السذاجة والهبل التي يظنُّها، وأثبتت له أنه كاذب، وخصمتُ عنه أجرَ ذلك اليوم مضاعفاً.
لكن ماذا حصل بعد ذلك ؟!
بعد أيامٍ... تقدَّم الشابُّ باستقالته من العمل...!!
من جهتي خسرتُ شطارته وجُهده ونسبةَ الإنجاز العالية التي كان يُحققها وإنخفض الإنتاج بشكل كبير، ولم يعُد بالإمكان أن أرفع للإدارة العليا التقارير التي تثبت نسبَ ارتفاع الإنجاز السابقة، وأصبحت بحاجةٍ للبحث عن شاب بمستوى ذلك النشاط ... ولكن لكني لم أجد.
عاد لي الشعور بالخجل من نفسي، كمدير مميز وإعترفت بني وبني نفسي أنني تصرفت بغباء تجاه هذا الشاب، وأن ما قمت به نحو كان سلوك غير صحيح... حيث كان كل همي أن أثبت أنه كذاب مع أنه طلب إجازة وهذا حقه، ولو وافقت له على الاجازة لكان سعيداً وزاد إحترامه لي، وما كان هذا ليكلفني شيئاً!!!
يومها اكتشفت أنَّ بعض ما نخسره في علاقاتنا مع الناس، يكون بسبب مواقف أو ردود أفعال قد تكون لا إرادية قد نغفل عنها في زحمة الحياة وإن إنتبها لها نتمسك بها لنثبت أننا على حق وأقوى من الآخرين، رغم أن الآخرين يفكرون ببساطة وينفذون ما نطلب بل ويخشون غضبنا ، ومن الأمثلة:
- التضييق علي الناس في بعض الحاجات والتعاملات، رغم أنه لن تخسر شيء لو عملت العكس، وهذا إستغلال سيء للصلاحيات والمقدرات.
- إغلاق منافذ الهروب لهم، لو قدمت لهم سلماً للنزول عن الشجرة أنت الكسبان.
- عدم قبولهم بأوضاعهم التي هم عليها، حياة الناس الخاص شأنهم الخاص.
- الغفلة عن الفروقات التي بيننا وبينهم، هم يفكرون ببساطة وأنت تفكر معقد من وحي المسئولية، وهذا شانك أنت لاعلاقة لهم بحياتك وكل الخيوط والتقاطعات التي سينتج عنها لوحتك الفنية.
مما يجعل الطرف الآخر أيّاً كان أمام خيارين، كل واحد منها أصعب من الآخر :
- إما أن يهربَ مِنك، فتَخسره وتخسر جهده...
- أو يتخذك عدواً، فيكيدُ لك، ويتراجع نشاطه كنوع من الدفاع عن النفس...
وفي كلا الحالتين تكونُ أنت خاسر ... 👎
وتأكد أنك لن تكون منتصراً فعلياً فيما لو كشفتَ المرء أمامكَ وأمام نفسه حد التعرية، حيث لن يجد بداً من المواجهة أو الهروب...
التجمُّل والتّغابي هو ورقة التوت التي تسترنا، وتحمي علاقاتنا من التوتر والانقطاع مع مختلف تعاملاتنا البشرية، وهذا ليس بخاص في التعامل مع مثل هذا الموظف، بل تتسع الدائرة لتشمل جميع العلاقات حولك من؛ زوجة ( أو زوج ) أو ولد أو أخ أو صديق أو قريب. وغيرهم...
لذلك من الأفضلُ دائماً أن تفتحَ للطرف الآخر المخطئ أو المقصر ( وكلنا ذلك الرجل ) طريقاً يخرجُ منه بكرامة فيحترمُك، أو تمنحه فرصة مناسبة فيعتذر منك ويُقدرك، بدل أن تُحرجه وتعرّيه؛ فيكرهك ويُعادِيك على مرّ الزمن ..!!
لذلك مرة أخرى أجدُ من المناسبِ أن يتيح الطرف الأعلى اختيار اللحظةَ، ليسمحَ للطرفِ الآخر أن يتراجَع، أو ( أن يتنفس )، فبعضُ التغابي أو التغافل شيء ضروري ومفيدٌ جداً عند الله أولاً؛ فهو أجر عظيم، ثم عند الناس لتنال الاحترام الشديد...!!
فلا يُشترط أن تفوزَ بكل المعاركِ... فبعضُ الفوزِ هزيمة ..!!
ولا تُحرق كل مراكبكَ أبداً... فقد تحتاجها قريباً ..!!
كان يغادرُ مقرَّ عملهِ كثيراً بدون إذن، إجازاتُه وأذوناتُه أكثر من المُعتاد...
يوم من الأيام طلب هذا الشاب إجازة ليخرج مع عائلته في رحلة... لكنني رفضتها بسبب ضغط العمل... صباح اليوم التالي اتصل مدعياً المرض معتذراً عن الحضور للعمل و تقدَّم بإجازةٍ مرضية..!
وأنا كنت شاطر وعارف أنه ليس مريضاً وأن هذا فيلم كي يتمكن من مشاركة عائلته بالرحلة... فوراً ذهبت إلى بيته كي أكشفه وأعلمه درساً، قابلته أمام بيته وهو يحمل شنط الرحلات وطناجر الأكل وعبوات المياه...
عملت حالي شاطر.. وفاجئته وسببت له الإجراح، وفي لحظة شعرت بالخجل من نفسي أن جعلت الشاب يذوبُ خجلاً، ووجههُ يتقلّب بين إحمرار الوجه والحرج... صراحة موقف صعب سببته له ولنفسي.
فجأة وبرد فعل عنيف لأثبت شطارتي وذكائي وإنتصاري عليه، أوضحت له أنه لايستطيع خِداعي مهما بلغ من الذكاء، وأنني لستُ بتلك السذاجة والهبل التي يظنُّها، وأثبتت له أنه كاذب، وخصمتُ عنه أجرَ ذلك اليوم مضاعفاً.
لكن ماذا حصل بعد ذلك ؟!
بعد أيامٍ... تقدَّم الشابُّ باستقالته من العمل...!!
من جهتي خسرتُ شطارته وجُهده ونسبةَ الإنجاز العالية التي كان يُحققها وإنخفض الإنتاج بشكل كبير، ولم يعُد بالإمكان أن أرفع للإدارة العليا التقارير التي تثبت نسبَ ارتفاع الإنجاز السابقة، وأصبحت بحاجةٍ للبحث عن شاب بمستوى ذلك النشاط ... ولكن لكني لم أجد.
عاد لي الشعور بالخجل من نفسي، كمدير مميز وإعترفت بني وبني نفسي أنني تصرفت بغباء تجاه هذا الشاب، وأن ما قمت به نحو كان سلوك غير صحيح... حيث كان كل همي أن أثبت أنه كذاب مع أنه طلب إجازة وهذا حقه، ولو وافقت له على الاجازة لكان سعيداً وزاد إحترامه لي، وما كان هذا ليكلفني شيئاً!!!
يومها اكتشفت أنَّ بعض ما نخسره في علاقاتنا مع الناس، يكون بسبب مواقف أو ردود أفعال قد تكون لا إرادية قد نغفل عنها في زحمة الحياة وإن إنتبها لها نتمسك بها لنثبت أننا على حق وأقوى من الآخرين، رغم أن الآخرين يفكرون ببساطة وينفذون ما نطلب بل ويخشون غضبنا ، ومن الأمثلة:
- التضييق علي الناس في بعض الحاجات والتعاملات، رغم أنه لن تخسر شيء لو عملت العكس، وهذا إستغلال سيء للصلاحيات والمقدرات.
- إغلاق منافذ الهروب لهم، لو قدمت لهم سلماً للنزول عن الشجرة أنت الكسبان.
- عدم قبولهم بأوضاعهم التي هم عليها، حياة الناس الخاص شأنهم الخاص.
- الغفلة عن الفروقات التي بيننا وبينهم، هم يفكرون ببساطة وأنت تفكر معقد من وحي المسئولية، وهذا شانك أنت لاعلاقة لهم بحياتك وكل الخيوط والتقاطعات التي سينتج عنها لوحتك الفنية.
مما يجعل الطرف الآخر أيّاً كان أمام خيارين، كل واحد منها أصعب من الآخر :
- إما أن يهربَ مِنك، فتَخسره وتخسر جهده...
- أو يتخذك عدواً، فيكيدُ لك، ويتراجع نشاطه كنوع من الدفاع عن النفس...
وفي كلا الحالتين تكونُ أنت خاسر ... 👎
وتأكد أنك لن تكون منتصراً فعلياً فيما لو كشفتَ المرء أمامكَ وأمام نفسه حد التعرية، حيث لن يجد بداً من المواجهة أو الهروب...
التجمُّل والتّغابي هو ورقة التوت التي تسترنا، وتحمي علاقاتنا من التوتر والانقطاع مع مختلف تعاملاتنا البشرية، وهذا ليس بخاص في التعامل مع مثل هذا الموظف، بل تتسع الدائرة لتشمل جميع العلاقات حولك من؛ زوجة ( أو زوج ) أو ولد أو أخ أو صديق أو قريب. وغيرهم...
لذلك من الأفضلُ دائماً أن تفتحَ للطرف الآخر المخطئ أو المقصر ( وكلنا ذلك الرجل ) طريقاً يخرجُ منه بكرامة فيحترمُك، أو تمنحه فرصة مناسبة فيعتذر منك ويُقدرك، بدل أن تُحرجه وتعرّيه؛ فيكرهك ويُعادِيك على مرّ الزمن ..!!
لذلك مرة أخرى أجدُ من المناسبِ أن يتيح الطرف الأعلى اختيار اللحظةَ، ليسمحَ للطرفِ الآخر أن يتراجَع، أو ( أن يتنفس )، فبعضُ التغابي أو التغافل شيء ضروري ومفيدٌ جداً عند الله أولاً؛ فهو أجر عظيم، ثم عند الناس لتنال الاحترام الشديد...!!
فلا يُشترط أن تفوزَ بكل المعاركِ... فبعضُ الفوزِ هزيمة ..!!
ولا تُحرق كل مراكبكَ أبداً... فقد تحتاجها قريباً ..!!