📁 آخر الأخبار

ونستون تشرشل: سيكون التاريخ لطيفا مع من سيكتبه


ونستون تشرشل: سيكون التاريخ لطيفا مع من سيكتبه

خلافا للتوقعات فان حرب المائة عام لم تستمر سوى 116 عاما فقط لا غير، وانتهت بانتصار بريطانيا على الفرنسيين، والتأسيس بعد ذلك بسنين طوال، لما سيعرف بإشارة النصر (( V )) .

كان الرماة البريطانيون يرفعون اصبعي الوسطى والسبابة لاستفزاز الفرنسيين، وجاء في التفاسير ان هذه حركة استفزاز سافلة ذات ايحاءات جنسية، خاصة اذا كانت راحة اليد للداخل، اما اذا كانت للخارج فانها في ذلك الزمن لم تكن تعني سوى الرقم اثنين.

كان سيظل الامر كذلك ، ولكن طفلا بريطانيا ولد لعائلة ارستقراطية، وكان مغرما بصنع وكتابة التاريخ، سيقول ان هذه الحركة كانت تحدي بريطاني شجاع لجنود فرنسا الذين هددوا بقطع اصابع الرماة.

هذا الطفل والذي ولد قبل موعده بشهرين، كان مشاغبا وبليدا، حتى ان والديه دفعا به الى مدرسة داخلية ولم يزوراه الا نادرا، كبر الفتى فصار مبذرا، فكاهيا، سليط اللسان والدغا يتلعثم في الكلام.

اجتاز بصعوبة امتحان القبول ليصبح عسكريا، وشارك في حروب باربع قارات، لم يكن راضيا عن راتبه فمارس الازدواج الوظيفي عبر الكتابة للصحافة عن الحملات العسكرية التي كان يشارك فيها، أمن له ذلك دخلا ماديا جيدا، واكسبه نوعين من الادمان الاول على الكحول، والثاني على السيجار الكوبي، ولازمه ذلك حتى اثناء توليه رئاسة وزراء بريطانيا العظمى.

كانت يده التي لا تحمل السيجار او الكاس ترفع عادة شارة النصر، احيانا براحة مضمومة للداخل واحيانا للخارج، وكان يفعل ذلك عن قصد، وظل حتى وفاته عن تسعين عاما بالوعة ويسكي تزن ما لا يقل عن 130 كلغ ومدخنة سيجار لا يتجاوز طولها 168 سم.

رحل بعد عدة سكتات دماغية، مخلفا الانتصار لشعبه، وشارة النصر للثوار، وعدة خطب وكتب موسوعية استحق عليها جائزة نوبل للآداب، وعدة رسومات زيتية من ابداعه، وقصرا منيفا وثروة ومئات علب السيجار الكوبي، وسمعة واسما توارثته اسرته واستوحته احدى اكبر شركات التبغ في ذلك الزمان. وترك الى جانب ذلك كله الكثير من المفارقات والنوادر .

ولد ونستون تشرشل لاسرة من بلدة مارلبورو البريطانية ولكن شركة رينولدز الامريكية هي التي وضعت اسمه -بعد ان اصبح الاكثر شعبية- على سجائرها فأصبحت الاولى في العالم وقتها. ومع ذلك فانه لم يدخن في حياته الا السيجار الكوبي.

يعتبر اسم وينستون نحتا لعبارة WINE’S TOWN وبعضهم يرجعه لعبارة WINNY STONE ويقابلها JOY STONE ولا علاقة له بمسلسل فريد فلينستون وعائلته الحجرية والتي كانت اكبر مروج دعائي لسجائر الوينستون . كان مريدوه يقولون دائما
There is no (I) in the team , but there is always a(win) in Winston
يعني لكل من اسمه نصيب وكان نصيب تشرشل من اسمه فوزا بعد فوز ونبيذا وسجائر وشخصية صلبة كالصخور.

كان الدغا يتلعثم في الكلام، ولكنه برع في الخطابة بفضل براعته في الكتابة لنفسه، وبفضل طاقم اسنان فُصل خصيصا له، صارت خطبه تدرس في عدة جامعات منحته الدكتوراه الفخرية.

تأخر يوما عن الذهاب الى الاذاعة لإلقاء خطاب فاراد تجنب التأخير الذي سينجم عن تنقله بموكب رسمي فخرج لاستئجار سيارة تاكسي ولكن السائق اعتذر قائلا : انا آسف يجب ان اصل الى المنزل لسماع خطاب تشرشل، اسعده الجواب فعرض على السائق خمسة جنيهات اضافية فقال السائق: اركب وليذهب تشرشل الى الجحيم.

كاد ان يعلن اسلامه لولا تدخل اقاربه واصدقائه ولولا ما وصفه بـ "ازدراء الاسلام للمرأة" ولكنه لم يكن مهذبا ورحيما مع النساء فقد احرج سيدة في البرلمان لأنها لم تلتفت لخطابه فقال لها انني اسمع شخيرك من هنا.

ومرة اخرى رد على سيدة انتقدت تناوله للكحول اثناء العمل قائلا: انت قبيحة، انا سأنام واصحو من سكري واما انت فستظلين قبيحة، قبيحة جدا، ستنامي قبيحة وتستيقظي قبيحة".

قالت له سيدة في البرلمان ذات يوم: لو كنت زوجي لوضعت لك السم في القهوة، فرد عليها سريعا: تأكدي يا سيدتي انني لو كنت زوجك لشربتها فورا.

ورغم صرامة التقاليد الوظيفية للجيش وللحكومة ولبريطانيا عموما، فان تشرشل لم يكن منتظما لا في عمله ولا في اكله ولا نومه، يأخذ غفوات حيثما وحينما يريد، ويجرع كاسات وكاسات من الويسكي اثناء العمل، ويسهر طويلا للقراءة او الكتابة او الرسم، ويقطع اجتماعات العمل للدخول الى المرحاض والمكوث هناك طويلا.

كان بالمرحاض يوما وأطال فناداه مدير مكتبه قائلا له ان احد اللوردات يريد مقابلته، فرد عليه: قل له انني لا استطيع التعامل مع قطعتي خراء في نفس الوقت.

افلام كثيرة وثائقية ودرامية تناولت سيرة هذا الرجل ومواقفه وسياساته واحداث عصره وكتب كثيرة حفظت اقواله ومنها "التاريخ سيكون لطيفا معي لانني ساكتبه" و "إذا كنت خارج بلدك فلا تنتقد حكومتك" و "المدخن الشره الذي يقرأ عن مضار التدخين لا شك وانه سيتوقف يوما عن القراءة". ولعل اعظم اقواله هي نبوءة " إمبراطوريات المستقبل هي إمبراطوريات العقل". الصورة للممثل عابد فهد في دور الحجاج، شبيه تشرشل في الفتوحات والخطابة والنوادر .