📁 آخر الأخبار

قرار

قرار

قررت وانا بكامل قواي العقلية والنفسية التوقف عن توجيه الشكر للاستاذ خالد سليم، وأفكر جديا بجعل سريان القرار باثر رجعي، فأعود الى كل البوستات والتعليقات التي تضمنت شكرا له وأقوم بشطبها غير آسف، وذلك جزاء ما اقترفت يداه حين عرفني الى الدكتور نادر صالحة.

لا يشكو الدكتور من شيء سوى انه مزعج، مزعج اكثر من نائلة وساندي، وهما اصوليتان لا تعترفان من قريب ولا بعيد بالواقعية السياسية، ولكنهما تثبتان دوما ( ان الخلاف لا يفسد للود قضية )، رغم انه يفسد جذر الود وليس مجرد قضيته حين يكون مع غيرهما.

وهما الى جانب ذلك ساحرتان، تجيد كلٌ منهما التخفي بقناع الصحافة، ولكن ما ان تمتد يدك وحيلتك لنزعه حتى تكتشف انه لم يكن قناعاً!!!.

تخرج من اللقاء مع ساندي ونائلة متعب الضمير، فحجارة عقلك غير قادرة على خدش صوان عقليهما. تنتهي جولة لتبدأ اخرى. تبدأ عن طيب خاطر جماعي.

وبين الشوطين تحاول أخذ نفس استراحة مع الدكتور نادر، فتخرج متعب العقل، لكثرة ما سيفتح من نوافذ في دماغك، ولعمق ما سيحفر فيه من انفاق يتداخل فيها السيوسيولوجي والانثروبولوجي، بعلم الاتصال، والفن باللغة والصوتيات والمرئيات وصولا للاعلام كما نمارسه دون ان نفهمه.

وحين يبتعد يحدثك عن فلسفة الصفر والنقطة وعن قول الامام علي : كل ما في الأديان في القرآن وكل ما في القرآن في الفاتحة وكل ما في الفاتحة في البسملة وكل ما في البسملة في الباء وكل ما في الباء في النقطة، وانا النقطة تحت الباء.

يسأل نادر : فماذا عن الفاصلة المنقوطة (؛)وماذا عن ما بعدها؟
وأساله : ألم يُنقط القرآن لتوضع النقط تحت باءاته وفوق تاءاته في عهد الامام علي وبأمر منه؟!

نقر بان للغات سطوتها، وان بعضها يمنع تحليق الافكار بعيدا، ثم نعارض أنفسنا ونقول : اللغة لغو وليست الا اداة للتعبير، ثم نسأل هل نستطيع ان نفكر ونحلم ونتخيل بدون هذه اللغة؟!

نعترف بان التركيز على التقنيات والتكنولوجيا ليس الاساس، وان الاجهزة الحديثة تقودك ذاتيا لاستخدامها الاستخدام الاسلم، ونعترف بالتقصير في التركيز على تمتين مهارات التفكير والكتابة، كل ما هو قائم متشابه ويقلد بعضه بعضا، والمفردات تتماثل وتتجرد من اللون والشكل والصوت والرائحة والملمس .

لا حاجة لنص يشرح الصورة، ولا مصداقية لنص لا يتحدث عنها.

كيف يمكن لنص مكتوب عن قرص الفلافل ان يفضي بقارئه الى سماع صوت طشطشة الزيت، وترقب سقوط قطرة عرق تدحرجت من جبين صانعه فسقطت في الصاج وارتدت قطرة زيت يغلي وقد لسعت ساعده، وكيف يمكن ادراك رائحة الفلافل وتمييز وجوه المنتظرين ممن سال لعابهم، ووصف لمعان الفرحة في اعينهم وقد كسى اللون البني الحبات الخضراء فيما كانت تتقافز من بقبقة الزيت الحار. ما فائدة هذا النص؟!

نهرب من الاجابة الى التفكير في المعايير الدولية ، وهل ما يصلح معيارًا للسويد صالحٌ للصين مثلا او للسعودية، ونفكر في حجم التشابه الظالم والملل الذي سينشأ لدى انطباق ذات المعايير على كل الدول.

نغرق في مفارقات عجيبة منها ان العرب ومنهم شعبنا يحترمون ديمقراطية الغرب وعلى رآسه الولايات المتحدة، وهم ضحايا ديمقراطية ذلك الغرب وهذه الولايات، ويكرهون الصين لانها غير ديمقراطية، رغم انها صديقة لهم ، ولم تحاربهم ووفرت للفقراء منهم ما يعيشون بفضله ووفق إمكانياتهم ، العرب يطالبون بالديمقراطية لشعب الصين اكثر مما يطالب بها الصينيون لأنفسهم ، هل سيكون شعبنا سعيدا اذا اصبحت الصين متوحشة كما الولايات المتحدة! .

ألم أقل لكم من البداية ان الدكتور نادر مزعج . مزعج اكثر مني.

لن اقول : لا تجتهدوا، لمن سيحاولون تأويل هذا النص، ولن اقول لهم : المعنى في بطن الشاعر، ولكن ساقول لكل منهم: وإستفتِ قلبك وإن أفتوكَ. الى اللقاء في جولة قريبة ايها المزعجون.