📁 آخر الأخبار

الهدف اليتيم

كان الهدف الوحيد الذي أحرزته في طفولتي، هو ذاك الذي أدخلته خطأً في مرمانا، كنت لاعبَ دفاعٍ في تصفيات المرحلة الإعدادية، شتاء العام 1982 لكنه والحق يقال لم يكن خطئي وحدي بل تكالبت عدة أسباب لهذه الكارثة التي خرج فيها فريقنا نهائيا من المباريات الختامية، فالكرة كانت مبتلة بالماء، وأبي الله يرحمه ويسامحو كان يحلق لي دوما على الصفر، لضيق الحالة المادية، فتزحلقت الكرة المبتلة فوق صلعتي الندية، ودخلت في مرمانا الذي يفترض بي حراسته.. وهنا تحضرني الحكمة القائلة أن الخراف تمضي عمرها متخوفة أن يأكلها الذئب، ولا تقتنع بغير ذلك حتى يسلخها الراعي.

صحيحٌ أن فريقي جابهني بسيلٍ من اللّوم والشتائم، لكن صدقوني أن هناك دوماً من ينصفك في هذه الحياة ويقدر لك الصنيع، فقد أطرى الفريق المنافس وجمهوره يومها على أدائي الرفيع.

كل الحق كان على كبتن فريقي "حسن اليماني"، الذي يومها ناداني و وضعني لاعبَ دفاع بديل لتغيب اللاعب الأصيل، في حين كنت أفضل صراحةً ان العب كهدّافٍ، وذلك لكوني مدخنٌ قديم  وأكره المراكظة كره البين، فأكتفي بالجلوس مع حارس الخصم، منها اتسلبد ومنها نتسلى ونتحدث لحين وصول الكرة الينا، فأستأذنه بالإنصراف لجلبها عن الأطراف..

منذ ذاك الهدف المشؤوم، لم ألعب كرة القدم على العموم، وحسمت أمري وأقتنعت بنصيبي، بأنني لم أخلق للعبة الفطبول، فتوجهت الى ممارسة العابٍ لا شقاء فيها، العابٌ تلبي طموحات الشخص الكسول، كالبلياردو والشدة والفنّه والفوليبول.. غير أن حلماً ظلَّ حتى اليوم يراودني، كلما نمت متوترا أو مهموم، إذ أجد نفسي منفردا بالكرة أمام مرمى الخصوم، حيث يلوح لي المرمي دون حارسٍ؛ فأنفعل انفعالا شديد وأركل الكرة من بعيد، الى خارج الملعب مع صوت هدير الجمهور..

فعلاً سبحان الله، ما تعجز عن تحقيقه بنفسك، تحاول تعويضه في نسلك، فقد حَصَدَتْ مؤخرا إبنتي الكبرى "سيسيل" لقب أفضل هدافٍة فريدة، في فريقها المدرسي، ربما لكونها الفتاة الوحيدة، غير أن زوجتي (الله يصلحها) لم تتركني أهنأ بهذا الإنجاز المشعوط، وانتو بتعرفو النسوان كيف لمن يشوفو الواحد مبسوط..، المهم فاتحتني ليلتها برغبتها وحلمها الدفين، في إستبدال الكنب و السرير بذريعة أنه أصبح قديم، رغم انني إشتريتهم فقط منذ عشر سنين، يعني ما لحقنش يهترين، إذا ما أخذتم بعين الإعتبار إنو حركاتي خفيفه في الدار.. المهم نمتُ ليلتها غاضبا أشكو لربي ظلم الحريم، فداهمني حلمي القديم، و ركلتها ركلةً تخلت على إثرها عن حلمها الأليم..
#ابوطراوة