ويلٌ لرجال الدين يوم الدين
حدثني المدعو جهاد الجراح المزاري، انه كان يستمع يوما لجدته وهي تصلي و تقرأ سورة الفاتحة.. فتلت الآية الثالثة (مالك يوم الدين) بصيغة الاستفهام .. (مالَكْ ومال الدين) ؟؟ فإنتظر لحين انهائها الصلاة ليسألها عما كانت تقرأ.. فأجابت شارحة لحفيدها وقاصدة ان تفقه بالدين ".. يا جدتي هاظ ابو لهب الله يلعن ابو شكلو كان يظل يمرق من قدام النبي ويسب الدين.. قام الله إتضايق منو و غضب عليه وقالوه ولك يا هامل "مالَك وما الدين"؟ مفترضة بسجيتها الطيبة ان القران نزل بلهجة اهل اربد..
هنا تكمن عظمة القران الكريم بوصفه قولا سماويا يفهمه الراعي بطريقته الخاصة والتاجر كما يفهمه العبقري و الشاعر، نصٌ طازجٌ في الصدور لم يرد له محمد اصلا ان تسوره السطور.. او ان يُجمع في كتاب واحد، لينبري له سدنةٌ وحراسٌ وحلاسٌ ومفسرون..
غير ان رجال الدين؛ في كل دين لا تعجبهم تلك العلاقة المباشرة بين الانسان و ربه، حتى لا يصبحو عالة على الناس أو مهمشين ومتبطلين، فيشتغلون وسطاء للتفسير والتأويل، ويضعون الف حديث وحديث تعارض حديث الله (الذي هو أحسن الحديث، المفصّل والمحكم والمبين والميّسر ذكره للعالمين) ليزيدوه غموضا.. و يغدو معهم هذا القرآن الذي لاريب فيه وهدى للناس اجمعين.. كتاب أحاجي والغاز واسرار.. هم وحدهم القادرون على ترجمتها وفك شيفرتها للعوام.. ثم يوهموك بأن الطريق الى الله غويط ومحفوفٌ بالألغام، وانهم هم وحدهم من يمتلك كاسحة لتلك الألغام.
اتدرون لماذا يختار رجال الدين هذه الوظيفة المقيتة.. لانها ببساطة لا تتطلب مجهودا ولا ذوقا ولا حتى ذكاء، فمجرد ان تطلق لحيتك، وتحف شاربك، وتعصب رأسك، حتى تتمكن وان كنت صعلوكا تافها سفيها من ان تحدّث صفوة القوم وعمومهم بنبرة الإستعلاء، فيضطرون لقبولك وتبجيلك والإستماع اليك رغم ما تقوله من غباء.
خلاصة القول : لن تنهض هذه الأمة حتى يُشنق آخر رجل دين بمصارين آخر السلاطين.