سمع الكثيرون ببلال ضرار بدر ومجموعته، خلال الاشتباكات التي شهدها مخيم عين الحلوة في مايو من العام 2013.
كان بلال بدر يبلغ من العمر حينها 25 عامًا ومقرّه في حي الطيري في مخيم عين الحلوة، وكانت مجموعته المسلّحة يصل عدد أفرادها إلى نحو 30 عنصرًا مسلحًا تسليحًا جيدًا.
وحينها كانت توجهات بدر ومجموعته إسلامية متطرفة تعتمد على أيدلوجية تنظيم "القاعدة"، ولكنه لا يعلن اسمًا لمجموعته فتارة يقول إنه جزء من جبهة النصرة، وتارة أخرى إنه جزء من "فتح الإسلام" أو "جند الشام".
إلا أن بدر بدأ نشاطه في المخيم منذ نحو سنة، أي في العام 2012، وكان على اتصال بمجموعات لبنانيّة وغير لبنانية تتبع النهج نفسه في لبنان وسوريا.
وقد تردد اسم الفلسطيني بلال بدر طوال السنوات الماضية، في أرجاء مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، وفي أروقة المحكمة العسكرية الدائمة في العاصمة بيروت، وهو المطلوب بعشرات الجرائم بين اغتيال مسؤولين في الفصائل الفلسطينية ومتعاونين مع الأجهزة الأمنية، والاعتداء على مراكز الجيش اللبناني في مدينة صيدا، وتحضير عبوات ناسفة، والتواصل مع مجموعات إسلامية مُتشددة في سوريا.
ولا تزال شهادة المدعو أ.ح. عن بلال بدر ماثلة في الاذهان.
فقد أُخذ أ.ح ابن الـ 20 عامًا، مباشرة إلى منزل قائد "فتح الإسلام" في مخيم عين الحلوة آنذاك بلال بدر (في حيّ الطيري)، حيث طلب منه الانتماء إلى مجموعته مقابل راتب شهري يبلغ 100 دولار، وأن يتردّد عليه في البداية ليلاً كي لا ينكشف أمره.
وعلى مدى شهر ونصف، تكفل بلال بدر بإعطاء دورات عسكريّة في منزله إلى عدد من أفراد مجموعته، وبينهم أ. ح.، لتعليمهم على كيفيّة فكّ وتركيب السّلاح واستخدامه، قبل أن ينتقل إلى الدروس التطبيقيّة عبر إطلاق الرصاص على أهداف محددة يضعها بدر في مكانٍ مجاور لمنزله. وبعدما بدأ أ. ح. يتردّد إلى منزل بدر، تعزّزت الثقة، وأوكل اليه مهمّة حراسة منزله مع آخرين.
إلى الداخل
سريعًا، انتقل ابن مخيّم عين الحلوة أ.ح من خارج السور إلى داخله، حينما صار يقدّم الخدمات (قهوة ومأكل ومشرب) في منزل بدر.
وفضل شاكر قال عنه الموقوف أ.ح إنّه دفع لبلال بدر مبلغًا من المال لقاء فتح معركة مع الجيش اللبناني في التعمير ـ عين الحلوة إبّان معارك عبرا، دعمًا لمجموعات أحمد الأسير.
وهكذا، بدأ أ. ح. يصبح من الدائرة الضيّقة لمجموعة بدر، الذي سرعان ما كلّفه بمراقبة أشخاص منتمين إلى "فتح" أو محسوبين على "اللينو".
أمّا الأسوأ فكان أن طلب منه بدر شراء حبوب "ترامال" كي يعطيها إلى أحد المقرّبين من "اللينو"، والملقّب بـ "أبو حزين السوريّ"، بهدف تخديره ثم سحبه إلى الشارع الذي تسيطر عليه جماعة بدر لقتله.
لم يكتفِ بدر بتوريط الشاب برمي القنابل، بل حوّله إلى شاهد ثمّ مشارك في تصنيع العبوات النّاسفة، إذ كان أ. ح. يُشاهد كيف كان بدر يصنّع العبوات من خلال طحنها ويضيف إليها المسامير والأحجار ثمّ الفتيل، ليعمل على طبخ العبوات .
وعلى مرأى من عيون الشاب، صنّع بدر 60 عبوة ناسفة كانت واحدة منها من نصيب قائد كتيبة "شهداء شاتيلا" في "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" العقيد طلال الأردني، حينما تمّ وضعها في سيارة شبيهة بالفان لونها قاتم كانت متوقفة قرب المحطّة في شارع حطين (بالقرب من مكتب الأردني)، وتولّى حوران تفجيرها لاسلكيًا بعد ثوانٍ من مرور سيارته ومن دون أن يفلح في اغتياله، ليتم اغتيال المسؤول "الفتحاوي" بعد حوالي عام في المكان نفسه.
ويبدو أن بدر كان مصرًا على اغتيال "أبو حزين السوريّ"، وإذا كان "الترامال" غير نافع، فإن القتل المباشر سيؤتي النتيجة الأسرع، ولذلك، طلب بدر أن يأتيه أ. ح. ليل 15 ديسمبر 2015 وكلّفه بالتنسيق مع عمر ن. بغية اغتيال الرجل القاطن في البركسات، طالبًا منه استلام مسدس "غلوك" من طه ع. (28 عامًا) والتوجّه فورًا إلى مفرق الصفوري، لأن "الهدف" سوف يمرّ من هناك.
وبالفعل، ذهب الشاب إلى "مقهى الحنان" حيث تسلّم من ع. المسدّس ثم انطلق إلى المكان المتّفق عليه، خاف الشاب من التورّط في جريمة قتل ولم يتجرأ على إطلاق النار، فما كان منه إلّا أن شاهد أحد المقربين من "اللينو" فسّلم نفسه، راويًا له المخطّط.
وسرعان ما قام "الفتحاوي" بتغطية رأس الشاب بقناع أسود كي لا يتمّ التعرّف عليه، واقتاده إلى أحد المقار التابعة للينو، قبل أن يعمد إلى تسليمه لمخابرات الجيش اللبناني التي أوقفته.