📁 آخر الأخبار

السماسرة تجار وأكاديميون!.. السوق الفلسطيني مكب لمنتجات الاحتلال المعدلة وراثياً

لا يزال الجدل حول الأغذية المعدلة وراثياً يتسع بعد صدور تقارير حذرت من ارتفاع نسبة الأمراض المرتبطة بالغذاء عشر مرات منذ بدء استخدام تلك الأطعمة في عام 1994حيث تم رصد 250 إصابة مجهولة الأسباب نهاية عام 2000 تتفاوت أعراضها بين الإسهال وتسمم الدم أو الإجهاض وحدوث اضطرابات مزمنة في التنفس والجهاز العصبي مع الإشارة إلى أن الأبحاث في هذا الإطار لا تزال مستمرة، خاصة وأن الآثار السلبية المترتبة على استخدام هذه التكنولوجيا قد تحتاج لفترة طويلة لكي تظهر.

هذا الاهتمام الذي صاحبه ذلك الجدل طرحت جملة أسئلة بشأنه مثل: هل يعتبر القيام بالتعديل الوراثي أمر جيد للإنسان والزراعة؟ وهل هذا العمل سيجعل العالم يحد أو ينهي أزماته الاقتصادية؟ وبالتالي يخفف من نسب الفقر التي تعصف بكثير من المجتمعات البشرية، خاصة النامية منها؟ وكذلك ما هي الآثار المستقبلية للتعديل الوراثي على الإنسان والنبات تحديداً؟ هذا من حيث الإطار العام، أما بخصوص الحالة الفلسطينية، فسيجيب هذا التحقيق على مدى وجود "التعديل الوراثي" في فلسطين، وما هي الأسباب في وجود ذلك، إذا كانت الإجابة بنعم؟ وما هي المخاطر والأبعاد؟ إلى جانب التطرق إلى الحلول والآليات المناسبة للحد أو للقضاء على مثل هكذا مخاطر؟.

المفهوم والظاهرة!

وقبل الخوض في صلب الموضوع يتوجب التطرق بداية إلى ماهية التعديل الوراثي، حيث أن معظم التعريفات تتفق وتُجمع بأنه عبارة عن "نقل جين أو مورث من كائن حي إلى كائن حي آخر بواسطة طرق الهندسة الوراثية" هذه الطرق تتمثل في قطع جين من هذا الكائن ودمجه في الكائن الآحر إما عن طريق ناقلات بيولوجية كالفيروسات والبكتيريا أو من خلال حقن مباشر، بحيث يندمج هذا الجين الجديد في الكائن المستَقِبِل، وهذا الكائن الجديد يصبح معدلاً وراثياً أو مُحوٌراً وراثياً.

بداية، يؤكد المهندس فؤاد أبو سيف مدير البرامج الزراعية في اتحاد لجان العمل الزراعي أن وجود مواد "معدلة وراثية" في السوق الفلسطيني تصل إلى حد الظاهرة الخطيرة والمقلقة، منوهاً إلى أن هذه المواد تأتي في الغالب من إسرائيل، بنسبٍ كبيرة، أو من خلال الاستيراد من الدول الأجنبية. وأوضح أن إسرائيل تقوم بالتعديل الوراثي للعديد من البذور والنباتات واللحوم والذرة والدواجن والصويا وغيرها، ومن ثم تصدر نسبة منها إلى السوق الفلسطيني لتجريبها من جهة، أو لتسويقها من جهة أخرى.

ويكشف تقرير أصدره اتحاد لجان العمل الزراعي أن الجامعة العبرية في "إسرائيل" قامت بتجربة التعديل الوراثي على "دجاج" من خلال تغيير الجينات الوراثية له، وذلك في العام.
والخطير في هذا الأمر أن هذا الكائن المعدل وراثياً يستهلك في أسواقنا العربية والفلسطينية دون معرفتنا بذلك، فهذا الدجاج المشوه (وفق التقرير) يغري المستهلك المسكين بحجمه وكثرة لحمه وهو لا يدري كمية ما ملأ بطنه وجسمه من هذه الهرمونات المتسببة في أخطر الأمراض الموجودة في هذا العصر.

سم في الدسم! 

وما هو مفاجئ أيضاً (كما يبين تقرير الاتحاد) أن هذه التجربة موجودة منذ زمن في أميركا والمستفيد من هذا الإنتاج غير الطبيعي شركات عالمية مشهورة كشركة كنتاكي وهارديز وماكدونالدز ولكن بتلاعب أشد من ذلك،حيث قاموا بتعطيل جينات الريش والأجنحة وجين تكوين الشحم وجين الأحشاء الداخلية، فكان ما أنتجوه مخلوقاً يشبه الدجاج، حي يتنفس ولا يتحرك (حالة بين الموت والحياة) بقلب صغير وبالكاد يساعد هذا المخلوق على البقاء فترة وجيزة ليكبر حجمه بالتغذية المباشرة لأيام قليلة، هذا الدجاج المشوه بهذه المواصفات يسهل عمليات التنظيف ويقلل التكاليف ويزيد الأرباح ويغري المستهلك، فيبتاعه دون أن يعلم أن السم في الدسم أحياناً.

ومما يزيد الأمر خطورة أكثر صعوبة التعرف على أن هذه المواد المختلفة معدلة وراثياً،الأمر الذي دعا عدداً من المؤسسات الوطنية الفلسطينية للإسراع في تشكيل "لجنة وطنية" على مستوى فلسطين التاريخية لمتابعة هذه الظاهرة الخطيرة وحصر الكائنات المعدلة وراثياً في السوق الفلسطيني، وبالتالي مواجهة هذه الظاهرة والحد منها، وفضح كل من يساهم مع الاحتلال في نشرها بالسوق الفلسطينية، سواء أكانوا تجاراً، أو باحثين  أو أكاديميين، حيث يبين المهندس أبو سيف أن عدد من الباحثين والأكاديميين في بعض الجامعات الفلسطينية ينسق ويتعاون ويشترك مع خبراء وعلماء إسرائيليين من الجامعات الإسرائيلية في هذا المجال.

لجان تواجه!

ويبين أبو سيف أنه تم الاتفاق ما بين أعضاء اللجنة على حصر مجموعة من الأهداف العامة التي ستسعى اللجنة لتحقيقها أهمها: وضع قضية الأغذية المعدلة وراثياً على طاولة الجهات الرسمية والأهلية من أجل محاصرتها ومنعها، وحشد الرأي العام المحلي ضد هذه المنتجات بكل أنواعها، وعقد ورش عمل واجتماعات وإصدار نشرات ودوريات خاصة بالكائنات المعدلة، وتشكيل قوه ضغط على المستوى الرسمي لمنع السماح بالتعامل مع هذه المنتجات، وجمع وحصر المنتجات المعدلة الموجودة في الأسواق الفلسطينية، وجمع أكبر قدر من المعلومات حول الاختبارات التي تجرى على هذه الكائنات وخاصة تلك التي تجريها إسرائيل وتعمل على اختبارها في الأسواق الفلسطينية، إلى جانب التوقيع على وثيقة تمنع توزيع أي مواد غذائية ضمن برامج ومشاريع المؤسسات الأهلية تحتوي على كائنات معدلة وراثياً.

وبالرغم من الأبحاث والدراسات الزراعية والصحية التي حذرت من مخاطر النباتات المعدلة وراثياً، إلا أن التوسع في إنتاج هذه النباتات ما زال في ازدياد مستمر، حيث تبين الإحصاءات أن مقدار الازدياد في الرقعة الزراعية المخصصة لهذه النباتات قد زاد بمقدار (13%) فمن بين 15 مليار دونم من الأراضي المزروعة في العالم عام 2006 زرع نحو مليار دونم بمحاصيل معدلة وراثياً.

ويحتل فول الصويا المعدل وراثياً نصف مساحة الأراضي المزروعة بنسبة بلغت 57% يليه الذرة بنسبة 25% ثم القطن بنسبة 13% قالارز والقرع.كما وتبين المعطيات الرقمية أن الفوائد الاقتصادية المتراكمة منذ عام 1996 ولغاية عام 2005 من زراعة هذه المحاصيل المعدلة وراثياً قد بلغ 27 مليار دولار، وأن عدد المزارعين الذين يزرعون هذه النباتات قد بلغ أكثر من عشرة ملايين مزارع وأن 90 من هؤلاء المزارعين هم من دول نامية أو فقيرة أو مكتظة بالسكان.