حلت معلمة ﻣﻜﺎﻥ معلمة ﺁﺧﺮى ﻗﺪ ﻏﺎﺩﺭت بإجازة أمومة.
ﺑﺪﺃت ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺪﺭﺱ ..فسألت ﺳﺆﺍﻝ ﻟﻄﺎﻟﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ ..ضحك ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻄﻼﺏ ..
ذهلت المعلمة ﻭ ﺃﺧﺬتها ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ
– ﺿﺤﻚٌ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ –
ﺃﺩﺭكت ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻈﺮﺍﺕ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺳﺮ ﺍﻟﻀﺤﻚ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻳﻀﺤﻜﻮﻥ ﻟﻮﻗﻮﻉ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻟﺐ ﻏﺒﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ .
ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻄﻼﺏ .. ﻧﺎدت ﺍلمعلمة ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻭ ﺍختلت ﺑﻪ ﻭ كتبت ﻟﻪ ﺑﻴﺘﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﻗﻪ ﻭ ﻧﺎﻭلته ﺇﻳﺎﻩ ، ﻭ ﻗﺎلت :
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺤﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍلبيت حفظاً ﻛﺤﻔﻆ ﺍﺳﻤﻚ ﻭﻻ ﺗﺨﺒﺮ ﺃﺣﺪﺍً ﺑﺬﻟﻚ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ كتبت ﺍلمعلمة ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺒﻮﺭﺓ ﻭ قامت ﺑﺸﺮﺣﻪ مبينةً ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭ .. ﺇﻟﺦ .
ﺛﻢ مسحت ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭ ﻗﺎلت ﻟﻠﻄﻼﺏ : من ﻣﻨﻜﻢ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪﻩ ،
ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺃﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﻳﺪﻩ ﺑﺈﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺭﻓﻊ ﻳﺪﻩ ﺑﺎﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻭ ﺗﺮﺩﺩ ، ﻗﺎلت ﺍﻟﻤﺪﺭسة ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﺃﺟﺐ ..
ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﻠﻌﺜﻢ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃثنت ﻋﻠﻴﻪ ﺍلمعلمة ﺛﻨﺎﺀً ﻋﻄﺮﺍً ﻭ ﺃﻣﺮت ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺑﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ﻟﻪ .
ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺑﻴﻦ ﻣﺬﻫﻮﻝ ﻭ ﻣﺸﺪﻭﻩ و ﻣﺘﻌﺠﺐ ﻭ ﻣﺴﺘﻐﺮﺏ ..
ﺗﻜﺮﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺧﻼﻝ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭ ﺗﻜﺮﺭ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭ ﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍلمعلمة و ﺍﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ﺍﻟﺤﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ .
ﺑﺪﺃﺕ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ .
ﺑﺪﺃﺕ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻟﻸﻓﻀﻞ ..
ﺑﺪﺃ ﻳﺜﻖ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻏﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎنت تصفه معلمته السابقة ..
ﺷﻌﺮ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺯﻣﻼﺋﻪ ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ .
ﺛﻘﺘﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ .
ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ..ﺍﺟﺘﻬﺪ .. ﺛﺎﺑﺮ .. ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ .
ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺜﻘﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻭ ﻫﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ .. ﺯﺍﺩ ﺗﻔﻮﻗﻪ ..ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺪﻝ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .
ﺃﻧﻬﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﺘﻔﻮﻕ ، ﻭﺍﺻﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ..ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ..ﻭ ﺍﻵﻥ ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ .
ﻗﺼﺔ ﻧﺠﺎﺡ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺩﺍﻋﻴﺎً ﻟﻤﺪﺭسته ﺻﺎحبة ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﻥ يثيبها ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ .
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻧﻮﻋﺎﻥ :
ﻧﻮﻉ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻟﻠﺨﻴﺮ ﻣﻐﺎﻟﻴﻖ ﻟﻠﺸﺮ، ﻳﺤﻔﺰ .. ﻳﺸﺠﻊ .. ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻙ ...ﻳﻤﻨﺤﻚ ﺍﻷﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ..ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺸﻌﻮﺭ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ..ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺒﺪﺃ ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ .
ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ
ﻣﻐﺎﻟﻴﻖ ﻟﻠﺨﻴﺮ .. ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻟﻠﺸﺮ ..ﻣﺜﺒﻂ .. ﻗﻨﻮﻁ ..ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﺳﻮﻯ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻞ ﺟﺎﺩ ﺩﺃﺑﻪ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻭ ﺍﻟﺘﺬﻣﺮ ﻭ ﺍﻟﻀﺠﺮ ﻭ ﻧﺪﺏ ﺍﻟﺤﻆ .
ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻛﺎﻥ ﺿﺤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺨﺮﺕ ﻟﻪ ﻣﺪﺭسة ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻷﻭﻝ ..
أظهرت بعض الدراسات التي أجرت مقارنة بين الأطفال الأكثر إبداعاً، والآخرين الذين لا يمتلكون أيَّ نوع من الإبداع، أن القيود التي يفرضها الآباء على أطفالهم هي السبب الأساسي في الحدّ من قدرتهم الإبداعية.
القيود التي يفرضها الآباء على أبنائهم والتي لا يمكن التخلّي عنها مثل الأعمال المنزلية، وتحديد موعد محدّد للنوم، قد تكون السبب في إحباط أية عملية إبداعية عند الأطفال، كما تدفعهم للتفكير بأنانية.
وفي مقارنة أجراها علماء النفس بين أكثر معماريي أميركا إبداعاً ومجموعة أخرى من ذوي المهارات العالية من أصل غير أميركي، توصلوا إلى أن آباء المعماريين الأميركيين ركزوا خلال التربية على تنمية المعايير الأخلاقية لأبنائهم، وذلك بحسب المقال الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
استغلال المواهب
وفي دراسة أخرى استهدفت الأصول التي ينتمي إليها أفضل الموسيقيين والفنانين والرياضيين والعلماء حول العالم، استخلص أخصائي علم النفس "بنجامين بلوم"، أن آباء هؤلاء المبدعين لم يكونوا يوماً مغرمين بفكرة تربية أطفالهم كي يصبحوا نجوماً، إلى جانب عدم ممارستهم الرقابة الصارمة على هؤلاء الأطفال، بل على العكس، فقد تركوا كل شيء يمضي بشكل طبيعي وعندما جاءت اللحظة التي ظهر فيها شغفهم تجاه شيء ما، هنا جاء دور هؤلاء الآباء الذين أظهروا الدعم الكامل لأبنائهم.
على سبيل المثال، لم يتعلم كبار عازفي البيانو على أيدي صفوة المُعلمين، ولكنهم تعلّموا في البداية على يد بعض المعلمين المحليين المتواجدين بالقرب من منازلهم، فأشخاص مثل "موزارت" و"ماري لوي ويليامز" و"إسحاق بيرلمان" كان شغفهم بتعلّم الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية شيئاً فطرياً، وليس من خلال دروس الموسيقى، حتى أن "اسحاق بيرلمان" بدأ فى تعلم العزف على الكمان بعد أن تمَّ رفض قبوله في مدرسة الموسيقى.
وبحسب المقابلات التي أجراها "دكتور بلوم" وفريقه المعاون مع صفوة الرياضيين حول العالم، فقد وجد أن بدايتهم لم تكن مميزة ولم يمتلكوا شيئاً مميزاً عن أقرانهم من الرياضيين الآخرين، فكل ما يتذكره الغالبية العظمى من هؤلاء الرياضيين عن مدربيهم في المراحل الأولى على طريق الاحتراف أنهم جعلوا من ممارسة الرياضات بالنسبة لهم شيئاً ممتعاً.
التدريب عائق أمام التطور!
احتدمت النقاشات حول عدد الساعات المطلوبة كي يصبح الشخص خبيراً في حرفة ما، وذلك منذ أن أشاع "مالكوم جلادويل" أطروحته " 10000 ساعة من التدريب" والتي يشير من خلالها إلى أن النجاح في شيء ما يعتمد على الوقت الذي نقضيه في الممارسة الفعلية له، والذي انتقده البعض معللين أن عدد الساعات المطلوبة يختلف من مجال لآخر ومن شخص لآخر.
وكشفت بعض الأبحاث عن الأسئلة التي يجب طرحها عندما يتعلق الأمر بإتقان مهارة أو حرفة ما، فالسؤال الأول الذى يطرح نفسه هل من الممكن أن يصبح الوقت الذى نقضيه أثناء التدريب هو العائق الأساسي أمام تطوّرنا فى مجال ما؟ والسؤال الثاني هو عن الدوافع التي تحرّك البشر لممارسة مهارة ما لآلاف الساعات؟
وقد جاءت الإجابة على السؤال الأول أنه كلما قضى الشخص عدد ساعات أكبر في ممارسة حرفة ما حوصر داخل طرق التفكير التقليدية التي يتبعها منذ فترات طويلة، أما السؤال الثاني فقد جاءت الإجابة عليه بكلمة واحدة "الشغف" الذي يدفع الإنسان إلى معرفة المزيد عن حرفة ما.
تُشير بعض الدلائل إلى أن الإسهامات الإبداعية تعتمد في المقام الأول على اتساع التجربة وليس عمقها فقط، وأيضاً إلى أن أحداً لم يدفع أي عالم أو فنان للانخراط في شيءٍ ما ولكن الشغف والفضول كانا المحرّك الأساسي لهذا، فالفضول هو ما يدفع الناس للبحث بداخلهم كي يصلوا إلى ما يتمنونه، وكما عبّر "آينشتاين "، والذي أرغمته والدته على الالتحاق بدروس الكمان، عن الأمر قائلاً "اكتشفت النظرية النسبية عن طريق الحدس فقط، وكانت الموسيقى هي المحرك وراء هذا الحدس".
فعلى الآباء المراقبين والمتربصين معرفة أنه ليس بإمكانهم برمجة أبنائهم كي يصبحوا مبدعين، بل عليهم تركهم كي ينساقوا وراء شغفهم في الحياة وذلك إذا ما أرادوا تنشئة أطفال قادرين على الإبداع.