📁 آخر الأخبار

رواية العنقاء كاملة : الجزء 18: رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي.

رواية العنقاء كاملة : الجزء 18:  رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي. للكاتب عبد الكريم السبعاوي في 1942  المولود في حارة التفاح بمدينة غزة لأسرة فقيرة لكنها حفية بالعلم والثقافة
----------------

عاد محمل الحج منذ أشهر طويلة .. استقر الجزار في قلعة عكا ولم يعد
القاضي معروف .. ظن الناس به الظنون .. فمن قائل أن الوالي عينه قاضيا" للقضاة في
بر الشام .. وأنه اتخذ مركزا" له في دمشق .. ومن قائل بأن الوالي انتدبه لكي يدعو له
في بلد المغرب .. أما قالة السو فقد أذاعوا في الناس أن الوالي غضب على الشيخ
 . معروف وألحقه بمن سبقه من الدارجين
أخيرا سرى خبر عودته .. هرع الناس للتسليم عليه وتهنئته بالحج المبرور
والسعي المشكور .. يونس وشيخ التفاح أبطأ في السلم عليه حتى ينفض من حوله من
المنافقين .. إل أنهم فوجئوا عند وصولهم .. بتيمور الضرغام يتصدر مجلس
القاضي .. ول يدع فرصة تفوته في تمجيد سيده الجزار والشادة به .. لعل القاضي
 . حين يلقي الجزار يذكره عنده بخير
 : قال يونس لشيخ التفاح
انتظر حتى ينصرف كلب الجزار هذا .. فنخلوا إلى معروف ونسمع منه أخبار رحلته -
 . على حقيقتها .. فإني أراه مربد الوجه مقبوض السحنة
عندما انصرف تيمور ومن معه .. أشار القاضي ليونس وشيخ التفاح بالقتراب
 : منه .. هش لهما وبش .. قال ليونس
أشكرك على هديتك .. حقا" إن خرفان وادي الزيت سمينة دهينة وقد اشتقنا لطعامتها -
 . ودسامتها
 : نظر إلى شيخ التفاح وتابع
. لقد أرسل لي صهرك خمسة خرفان كأنها النوق الشمالية يا أبا مبارك -
 : أجاب شيخ التفاح
 . هنيئا" مريئا" إن شاء ال -
دارت فناجين القهوة المرة المعطرة بحب الهال دورة جديدة قبل أن يتكئ
 : القاضي وتحل عقدة لسانه
ليتني سمعت نصيحة تاج الدين .. وال لقد أخلص الرجل النصيحة .. كانت هذه أول -
 .. مرة يسمع فيها يونس عن تاج الدين .. وحين أكمل القاضي رواية قصته
 : قال يونس
إذن في وسط هذا الظلم الدامس كان هناك بصيص من النور .. لقد صدق وال -
 . ( رسول ال حين قال ( الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة
 : سأل شيخ التفاح
وماذا عن تلك الرؤيا المشئومة التي تراود الوالي يا شيخ معروف ؟ -
 . لقد وجد الوالي تفسيرا" لرؤياه عندما وصل عكا -
ران الصمت برهة .. حدق فيه يونس وشيخ التفاح يستطلعان جلية الخبر ..
 : تلفت القاضي يمنة ويسرة كأنما يطمئن لخلو المكان .. ثم قال
كان الجزار قبل نهوضه بمحمل الحج إلى مكة .. قد خلف وراءه قواد جنده -
ومماليكه .. وأخصهم سليم باشا الذي عينه الباشا نائبا" عنه في شئون الولية وحارسا"
 . على حريمه
قام سليم باشا بالعمل خير قيام .. ولكنه أكثر من التردد على مسكن الجزار .. وسمح
لرجاله بمشارفة الحريم والمخالطة معهن .. أكثرت الهالي من الطعن على حريم
 . الجزار
عاد الوالي .. لحظ أمورا" غريبة تجري في حريمه .. ظل يراقب ما يجري خفية حتى
رأى وسمع ما تقشعر له البدان .. كان يريد أن يتثبت من خيانة جلبهار .. أغلى نسائه
 . على قلبه ومن شغفته حبا" بلغ به حد المذلة .. قبل أن يبدأ انتقامه
لم يطل انتظاره .. رتب له كبير الخصيان مجلسا" يرى فيه بعينه ويسمع بأذنه .. رآها
وسمعها وهي تركع على ركبتيها أما مملوك شركسي أشقر في ريعان الصبا خاضعة
 : متذللة .. والمملوك يتهرب منها ويقول
ما فعلناه في غيبة الجزار .. ل يجوز أن نفعله في حضوره .. فلسنا نأمن شره وشر -
. عيونه
 : قال الجزار
إذا فقد كنت أقطع لحما" من جسدي والقيه للكلب حتى تعافه .. هذه نصف الرؤيا .. -
 . إلي بالنصف الخر
كان عليه أن يتخلص من مماليكه وقادتهم قبل أن يبدأ بتنفيذ ما عزم عليه ..
جهز حملة للعسكر على جبل لبنان بحجة تأديب العصاة .. وما أن غادروا القلعة حتى
أمر خصيانه بإيقاد نار كبيرة في باحة القصر .. وطلب إليه الحريم واحدة واحدة مبتدئا"
بأحبهن إلى قلبه .. يقبض على عنق كل واحدة ويطرحها في النار على وجهها ويدوس
على رأسها وظهرها بقدميه حتى تلفظ الروح .. ثم يطلب غيرها إلى أن قتل سبعة
 : وثلثين امرأة وهو يصرخ كالمجنون
 . هكذا اقطع لحما" من جسدي واشويه في النار حتى يتفحم -
 . لم تنج إل طفلة في الثامنة من عمرها
ثم تفرغ للتنكيل بقادة الجند والمماليك فقرضهم عن آخرهم .. وإنه ليلغ في الدم فل
 . يزداد ال عطشا" كأنه الكلب المسعور
 : قال يونس
هل زرت تاج الدين بعد عودتك ؟ -
 : ورويت له كل شئ .. فما زاد عن قوله -
إذا فقد فشل الجزار في إشعال نار الفتنة بدعواه الثمة تلك .. ثم ردد قوله تعالى -
( ورد ال الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا" .. وكفى ال المؤمنين القتال .. وكان ال
 . ( قويا" عزيزا"
 : رددا بصوت واحد
 . صدق ال العظيم -
 . ثم استأذنا في النصراف
 : قال يونس لشيخ التفاح
 . عجل بنا إلى بيت درويش باشا -
كان درويش باشا قد حظي بسارة بعد طول دلل وتمنع .. فاجأته زيارتها وما
ابدته من لين ورقة في معاملته .. حتى حسب أنه شغفها حبا" .. وما كان ليقابلهما لول
يقينه من أن في المر رشوة .. ولول أن حبه لساره ل يعدله إل حبه للمال .. خرج
. لهما حاسر الرأس متلفعا" بعباءة يستر بها عرية
خير إيش في ما في شيخ يونس ؟ -
 : ناوله يونس صرة النقود وقال له
إذا سمعت غدا" صراخ آمر السجن وأنت في نافذة الدبوية .. فاعمل لك أذنا من طين -
 .. وأذنا من عجين .. نريد أن نفك سجينا" لنا
 : قال درويش باشا وهو يتناول صرة النقود
 . اطمئن يا شيخ يونس .. غدا" لن يكون لي أذنان على الطلق -
 : حينما عاد سألته ساره وهي تتشاغل بفك ضفائرها
ماذا يريدان ؟ -
 : قال وهو يخفي صرة النقود في صندوق مطعم بالجوهر
 . يريدان اطلق سجين لهما -
 . لعله مجرم شرير من قطاع الطرق الذين انتشروا هذه اليام -
 . ل أعرفه .. ولم أسأل عن اسمه .. ليكن من يكون ما علينا -
.. فخار يكسر بعضو
فكرت سارة هل تكتب هذا الخبر إلى شقيقها داوود ؟ .. لقد طلب منها أن تكتب له كل
شاردة وواردة .. من أخبار الوالي والمتصرف والدولة ورعاياها .. أصدقاءه الفرنسيين
يريدون معرفة كل ما يدور في البلد .. إنهم يجزلون له المكافأة عن كل خبر ينال
 . اهتمامهم

 رواية العنقاء كاملة :الجزء 19:

 رواية العنقاء كاملة :الجزء 17: