📁 آخر الأخبار

كل ما تريد معرفته عن وثائق بنما..أضخم التسريبات في التاريخ

تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين الحديث وبشكل متواصل عن “وثائق بنما” “Panama Papers” والتي يُشار إليها على أنها أكبر وأضخم عملية تسريب للبيانات في التاريخ، بشكل يفوق تسريبات ويكيليكس أضعافًا مضاعفة. فما هي وثائق بنما؟ وما أهميتها؟ ولماذا أثارت كل هذه الضجة غير المسبوقة؟
وثائق بنما

وثائق بنما هي تسريبات معلوماتية غير مسبوقة، لحوالي 11,5 مليون ملف من قاعدة بيانات رابع أكبر مكتب محاماة في العالم “موساك فونسيكا”. وقد تم الحصول على هذه المعلومات من مصدر مجهول وصلت للصحيفة الألمانية “زود دويتشه تسايتونج” والتي شاركتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين “ICIJ”، والذي بدوره عمل على مشاركة البيانات مع شبكة كبيرة من وسائل الإعلام تضمنت 100 صحيفة من العالم، لإنتاج تحقيق استقصائي ضخم حول الوثائق.

ما الذي كشفته وثائق بنما ؟
أظهرت الوثائق كيفية استخدام الأغنياء وأصحاب النفوذ للملاذات الضريبية الآمنة لإخفاء ثرواتهم، وتورط عدد من الشخصيات الهامة في أعمال غير مشروعة كتهريب وغسل الأموال، وتجارة الأسلحة، والمخدرات عبر استغلال الأنظمة الضريبية الخارجية السرية. ومن بين المتورطين 12 رئيسًا من دول العالم الحاليين والسابقين، و143 سياسيًا، بحيث استغلت عائلاتهم ومقربوهم حول العالم ما يُعرف بالملاذات الضريبية.

وحتى تتضح الصورة أكثر ينبغي أن نعرف ما هي الملاذات الضريبية؟


الملاذ الضريبي أو الجنة الضرائبية “Tax Haven” هي منطقة تفرض أقل الضرائب، أو لا تفرضها على الإطلاق، أي أن الأنظمة المصرفية في تلك المنطقة تحكمها قوانين صارمة للمحافظة على سرية حسابات العملاء، ومساعدتهم على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم، وبالتالي إخفاء ثرواتهم.





رئيس الوزراء الآيسلندي أول ضحايا وثائق بنما


أما أول من أطاحت بهم هذه الوثائق هو رئيس الوزراء الآيسلندي “سيغموندور غونلوغسون” والذي قدم استقالته بعد الفضيحة المدوية. فقد أشارت التسريبات إلى أن غونلوغسون كان يمتلك مع زوجته شركة “وينتريز” المسجلة في الخارج، ووجهت إليه تهمة إخفاء ملايين الدولارات في أصول عائلية.

وهنا لا بد أن نسأل من تكون موساك فونسيكا؟ وما علاقتها بكل ذلك؟

هي شركة محاماة مقرها في دولة بنما، والتي تقدم خدمات الملاذات الضريبية الآمنة، أي أنها تعمل على إدراج الشركات وتسجيلها في دول ونطاقات قضائية أجنبية خارجية، مثل جزر فيرجين البريطانية. وتتقاضى الشركة رسومًا سنوية مقابل إدارة مكاتب هذه الشركات، كما أنها تقدم خدمات إدارة الثروات.

أين مقرها؟

موساك فونسيكا هي شركة بنمية، لكنها تدير أعمالها في جميع أنحاء العالم، ويضم الموقع الإلكتروني الخاص بها شبكة عالمية يعمل بها 600 شخص يعملون في 42 دولة. وهي تعمل في مناطق الملاذات الضريبية، مثل: قبرص، وجزر فيرجين البريطانية، والمناطق التابعة للتاج البريطاني، مثل: جيرنسي وجيرسي وجزيرة مان. وتتعلق البيانات المسربة من شركة موساكا بحوالي 200 ألف شركة مسجلة في المناطق التي تم ذكرها سابقًا، 100 ألف منها فقط في جزر فيرجين البريطانية!

جزر فيرجين البريطانية
ومن الجدير ذكره، أنه ليس بالضرورة أن يكون التعامل مباشرة مع مالكي الشركة، فكثير من التعاملات تكون عبر وسطاء: كالمحاسبين، والبنوك، والمحامين، وشركات الائتمان في أوروبا، ويتمركز هؤلاء الوسطاء في سويسرا، وجيرسي، ولوكسمبورج، والمملكة المتحدة.

من هم أصحاب الأموال؟

من الصعب ربما التكهن بالشخصيات التي تقف وراء تحويل الأموال إلى مناطق الملاذات الضريبية، فالمالكون الحقيقيون يخفون شخصياتهم وراء أسماء أخرى لا سلطة لها أو أصول داخل شركاتهم، وكل ما تفعله أنها تعير توقيعاتها. لكن يمكن القول أن معظم هؤلاء المالكين من الصين وروسيا.

حجم الشركة

موساك فونسيكا هي رابع أكبر شركة محاماة مزودة لخدمات الملاذ الضريبي، عملت لأكثر من 300 ألف شركة، وهناك علاقة قوية بالمملكة المتحدة. فأكثر من نصف الشركات المسجلة هي ضمن مناطق الملاذات الضريبية البريطانية، وكذلك المملكة المتحدة نفسها.

حجم البيانات المسربة؟

الكثير الكثير الكثير! هذه التسريبات هي الأكبر والأضخم في التاريخ، تفوق كما ذكرنا حجم الملفات المسربة من ويكيليكس عام 2010، والوثائق الاستخباراتية السرية التي سربها إدوارد سنودن عام 2013. وإن تحدثنا عن الأرقام الدقيقة فهي 11,5 مليون ملف ووثيقة، قاعدة بيانات بـ 2.6 تيرابايت من الملفات المستمدة من الشركة. وبذلك فإن أوراق بنما هي أضخم التسريبات، ويمكن الرجوع بالذاكرة قليلًا لنتعرف على حجم الملفات السابقة المسربة: ويكيليكس عام 2010 كانت 1.7 جيجابايت، وأسرار أوفشور عام 2013 كانت 260 جيجابايت، وملفات لوكسمبورج الضريبية عام 2014 كانت 4.4 جيجابايت، وملفات إتش إس بي سي في عام 2015 كانت 3.3 جيجابايت.

هل كل من يستخدم خدمات الملاذ الضريبي محتال؟

الإجابة بالطبع لا، فاستخدام تلك الخدمات قانوني تمامًا، وهناك العديد من الأسباب المشروعة للقيام بذلك. فعلى سبيل المثال، يقوم رجال الأعمال من روسيا وأوكرانيا بوضع أصولهم في الخارج لحمايتها من هجمات المجرمين، وكذلك القيود المفروضة على العملة الصعبة، وهناك استخدامات أخرى لها، وهي: الإرث، والتخطيط العقاري.

ماذا كان رد الشركة؟

قالت شركة موساك فونسيكا أنها لن تناقش حالات محددة من المخالفات المزعومة، كما قالت أنها تأسف لأي إساءة لاستخدام خدماتها، وأنها تحاول جاهدة لمنع ذلك.

وقال رامون فونسيكا مورا مدير مكتب المحاماة أن لديه تقريرًا تقنيًا يثبت تعرض الشركة لقرصنة من أجهزة ملقمة في الخارج. وقد استنكر مورا عدم حديث الصحافة عن القرصنة التي تعرضت لها الشركة، في حين أنها الجريمة الوحيدة التي ارتُكبت في كل ما قيل! كما استغرب تركز المعلومات المسربة عن الزبائن الأكثر شهرة، من بينهم شخصيات سياسة ورؤساء دول ورياضيون.

الجميع في انتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة، فهل ستطيح رؤوس أخرى بعد رئيس الوزراء الآيسلندي؟ وهل ستنكشف أسماء أخرى؟ أم أن كل ما حصل مجرد زوبعة في فنجان، تثيرها وسائل الإعلام سرعان ما ينطفئ فتيلها وتخبو مع الأيام كسابقتها ويكيليكس؟!